القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية المغتربات الفصل الاول1بقلم حمادة زهران

رواية المغتربين
الفصل الأول
بقلم حمادة الزهراني
كل حاجة بدأت يوم الاتنين،الساعة كانت حوالي ١٠ الصبح..وكنت لسه داخل المكتب،وماسك ملف قضية ببص فيه،ومسكت كوباية القهوة،ومع أول رشفة،دخل عليا أمين الشرطة سعد، وقالي:
-"في بلاغ اختفاء يا باشا..واحدة اسمها نجلاء مهران،٢٨ سنة، من شبرا..جات إسكندرية تدور على شغل،واختفت من إمبارح".
رفعت عيني من الملف وبصيتله وقولت:
-"يعني بلاغ روتيني،ولا في حاجة مريبة". 
قالي:
-"الغريب يا باشا إن اللي جاية تعمل البلاغ مش قريبتها..دي ست ساكنة في العمارة اللي كانت نجلاء مأجرة فيها الشقة مفروشة..وبتقول إن البنت ماخرجتش من امبارح،وسابت شنطتها وأكلها زي ما هو،والموبايل بيرن ومحدش بيرد".
قومت فوراً من مكاني..الموضوع فيه ريحة مش مريحة..شقة مفروشة،بنت غريبة عن المكان،جارة مش قريبة، وموبايل بيرن ومفيش رد.
ركبت العربية، ومعايا 2 عساكر وأمين شرطة،وطلعنا على العنوان.
الشقة صغيرة..غرفتين وصالة، ريحتها غريبة..مش ريحة موتى،بس فيها حاجة مش مريحة،مكتومة كأنها مقفولة بقالها زمن.
الباب مش مكسور،مفيش علامات اقتحام..الشنطة بتاعة البنت جنب الكنبة،مفتوحة وجواها هدوم مطبقة بعناية..الموبايل بتاعها على السرير، بيرن ومحدش بيرد،آخر مكالمة واردة من رقم مش متسجل الساعة ١١:٤٥ بالليل.
شوفت طبقين على الترابيزة..واحد في بواقي أكل،والتاني نضيف..احتمال كانت قاعدة مع حد.
الكوباية الوحيدة عليها أثر روج خفيف..يبقى الضيفة كانت هي بس..ولا الضيف كان راجل.
الجارة اللي بلغت اسمها "عفاف الرفاعي"، ٥٥ سنة، ساكنة تحت الشقة، قالت إنها سمعت صوت حاجة بتتخبط الساعة ٢ الفجر، وافتكرت إنهم بيحركوا عفش.
صاحب الشقة اسمه "وجيه قنديل"، عنده ٤٥ سنة، بيئجرها دايماً لناس غريبة،وبيقول إنه ما يعرفش نجلاء شخصياً.
في حاجة مش مظبوطة..البنت كانت جاية تشوف شغل،وصلت يوم السبت، اختفت يوم الاحد..يعني أقل من ٤٨ ساعة،ومفيش ولا حد سأل عليها غير الجارة..ليه مفيش أهل،وليه مخرجتش من الشقة..والأغرب،في كاميرا فوق القهوة اللي تحت،بس متغطية بحاجة شبه كيس اسود بلاستيك.
اخدت معايا صاحب الشقة،وصاحب القهوة،والست اللي بلغت،الساعة كانت ١:٣٠ ظهراً..ولما وصلنا القسم،دخلوا التلاتة واحد ورا التاني،وأنا قاعد على المكتب،وسايب النور خافت شوية.
بصيتلهم..تلاتة مختلفين تماماً عن بعض،بس في بينهم خيط رفيع، وأنا ناوي أقطعه.
اتكلمت بهدوء وقولت:
-"إحنا هنا مش بنحقق في جريمة،إحنا بنحاول نرجع بنت لسه متأكدين إنها ممكن تكون عايشة..لو حد فيكم عنده حاجة مخبيها،ياريت يقولها..دلوقتي وقت الكلام".
عفاف..ست تخينة لابسة إسدال موضة قديمة،وماسكة شنطتها كأنها خايفة تتخطف..قالت:
-"يا باشا والله أنا بلغت عشان ضميري، البنت كانت مسكينة،يدوب ساكنة من 3 أيام،وكل ليله اسمع صوتها فوق وهي بتكلم نفسها،بس الليلة دي..سمعت صوت زي حد بيزق ترابيزة،بس قولت يمكن بتنضف". 
وجيه قنديل..راجل أصلع،لبسه شيك جداً على واحد ساكن في حي شعبي..قال:
-"أنا مأجر الشقة من خمس سنين يا باشا،وبسلم المفاتيح للمستأجر أو المستأجرة، والباقي ماليش دعوة بيه..نجلاء دي معرفهاش،كلمتني من رقم واتساب،وحولتلي إيجار أسبوع وبس". 
مجدي صاحب القهوة..راجل غامق وشه مليان غل،صباعه متعور وملفوف ببلاستر..قال:
-"أنا معرفش عنها حاجة..القهوة شغالة ليل نهار،ومفيش وقت نلاحظ مين طالع ومين نازل،بس لو عايز تشوف الكاميرات..للأسف كانت متغطية بسبب العواصف،أنا لسه هشيل الكيس".
سجلت في دفتري ملاحظات التحقيق..عفاف ممكن تكون صادقة،وممكن تكون بترمي الطعم عشان تبعد عنها الشبهات..ووجيه بيحاول يبين إنه بروفيشنال،بس طريقته دي مش عاجباني..مجدي صباعه متعور،والكاميرات متغطية في توقيت مريب.
بعد التحقيق،طلبت تفريغ سجل تحويل الإيجار من رقم نجلاء..واديت أوامر بمراجعة سجل الكاميرات التانية في الشارع..وأديت أوامر بفحص صباع مجدي لو في آثار دم أو مقاومة..وخليت حد من القوة يراجع سجل المستأجرين القدام عند وجيه،يمكن في حد اختفى قبل كده.
تاني يوم، الساعة 8:55 صباحاً،كنت لسه براجع ملاحظات اليوم اللي فات..دخل أمين الشرطة "سعد" بسرعة وهو بيقول:
-"بلاغ جديد يا باشا..واحدة تانية اختفت".
رفعت عيني وقولت:
-"اسمها ايه". 
رد وقال:
-"رانيا عزمي،عندها ٣٠ سنة، من القاهرة..نازلة إسكندرية من أربع أيام، ساكنة في شقة مفروشة برضه..في نفس العمارة".
قومت وأنا مفاجئ:
-"في نفس العمارة". 
="أيوه يا باشا..في الدور التالت". 
-"ومين اللي بلغ المرة دي". 
="واحدة ست، بتقول إنها كانت بتوصلها جبنة ولبن،ولما خبطت عليها امبارح مردتش..والنهاردة الباب مفتوح والشقة فاضية".
ضحية تانية..نفس العمارة..شقة مفروشة..اختفاء بدون أثر..والبلاغ من ست بتوصل جبنة ولبن،يعني مش قريبة،نفس نمط بلاغ نجلاء..في تكرار غريب في التفاصيل،كأن حد بيقلد جريمة. 
كل حاجة دلوقتي بقت مختلفة.
مبقيتش شايفها قضية اختفاء.. دي بقت حاجة أكبر.
نفس العمارة،تاني ضحية، نفس الأسلوب، نفس "البلاغ من ست مش قريبة".
ركبت العربية على طول، وطلعت على العمارة.
وصلنا هناك الساعة ٩:٤٥..الدور التالت..الشقة فعلاً فاضية،بس ريحتها مختلفة..الشباك مفتوح والستارة بتتحرك ببطء..وفي كوبايتين على الترابيزة،واحدة فيها شاي متبقي والتانية فاضية..زي قضية نجلاء بالظبط..وفي التلاجة،لقيت الجبنة واللبن اللي الست قالت إنها كانت بتجيبه..بس متفتحوش.
الشقة كانت متوضبة..سرير مفروش، وهدوم متطبقة،بس مفيش موبايل ولا شنطة..وده أول فرق بين القضيتين.
المفتاح كان في الباب من جوه..يعني مفيش حد خرج وقفل،إلا لو معاه نسخة..والباب مش مخلوع.
وطلبت فريق الأدلة الجنائية يرفع البصمات،وطلبت مراجعة كل أسماء اللي سكنوا في العمارة دي خلال آخر سنة..واللي أجروا شقق مفروشة عند "وجيه قنديل"،وكلفت حد يتتبع أرقام تحويلات الفلوس من نجلاء ورانيا..واضح إن فيه حد بيصطاد بنات مغتربات،وبيختفي بيهم من غير ما يسيب وراه أي دليل.
بدأت ألف في الشقة،لفت انتباهي حاجة غريبة..فيه شعر طويل بني، علي المخدة على الكنبة..وورقة صغيرة جنب السرير،مكتوب عليها بخط إيد "تسلميلي على كل حاجة،هنشوف بعض قريب".
بس كانت من غير توقيع.
رجعت القسم،واستدعيت الست اللي بلغت..اسمها صفية منصور، ست بسيطة بتبيع جبنة ولبن وعيش بلدي..سألتها بهدوء:
س-"إنتي عرفتي منين إن البنت ساكنة هنا". 
قالتلي: 
ج-"كانت بتشتري مني من أول يوم جات،وطلبت مني أوصلها الطلبات كل يوم الصبح..بس من امبارح مفتحتش..والنهاردة الباب كان موارب، خفت يكون حصلها حاجة".
س-"دخلتي". 
ج-"لأ يا باشا..خوفت وجريت على طول على البقال اللي في أول الشارع، وقولتله يبلغ حضرتكم".
نفس النمط..بلاغ مش من قرايب،باب مش مكسور،اختفاء بدون مقاومة، وشقة مفروشة.
قاعد في المكتب والملف قدامي،وكل ورقة بتفكرني بحاجة..نجلاء، رانيا، طبقين أكل، شقة مفروشة، بلاغ من ست مش قريبة..بس لو فعلاً اتقتلوا،فين الجثث..ولو متقتلوش..إزاي اختفوا كده.
لقيت جواب من النيابة،بيأكد إن فيه بلاغ اختفاء من تلات شهور،لبنت اسمها سمر كمال،عندها ٢٠ سنة، برضوا من القاهرة،وكانت ساكنة في شقة مفروشة في نفس العمارة،واختفت بعد تاني يوم سكن..اتصلت بسعد وقولتله:
-"هاتلي ملف سمر كامل دلوقتي".
مفاتش نص ساعة،وكان الملف قدامي. ولما فتحت الصور..شوفت سمر..زي نجلاء ورانيا..تلات بنات،نفس السن تقريباً،اختفوا في نفس العمارة،وبنفس الطريقة.
اخدت قرار إني أوقف كل اللي في العمارة دي لحد ما أعرف إيه اللي بيحصل..عملت اجتماع صغير مع القوة، وقولت:
- "إحنا قدام نسخة جديدة من ريا وسكينة..بس النسخة دي أذكى وأهدى، وبتشتغل من غير ما تسيب أثر..ودي مش صدفة، دي خطة..أنا عايز كل الكاميرات اللي حوالين العمارة،كل مستأجر سابق عند وجيه، كل ست بتبلغنا..تتراجع تاني وبدقة..وخصوصاً عفاف وصفية ومجدي اللي تعويرة صباعه مش داخلة دماغي".
الملف قدامي على المكتب، مكتوب بخط واضح:
"بلاغ بتاريخ ١١ فبراير..اختفاء سمر كمال، ٢٠ سنة..آخر مرة شوهدت فيها،مساء يوم ١٠ فبراير..نفس العمارة، الدور الرابع".
كل بنت جاية من القاهرة ومن شبرا، كلهم مغتربات،كلهم في شقق مفروشة، وكلهم اختفوا خلال ٤٨ ساعة من وصولهم،ومفيش أي دليل على مقاومة أو خروج إجباري.
الموضوع مبقاش صدفة،ولا حتى سلسلة حوادث مشابهة..ده شغل واحد بيصطاد بعناية،وبيعرف يمسح وراه كويس.
سألت نفسي:
-"هو وجيه قنديل بريء فعلاً،ولا شريك..أصل ليه دايماً بيأجر الشقق لبنات صغيرة،وليه مفيش أي عقد إيجار رسمي..ومجدي صاحب القهوة،إزاي الكاميرا اتغطت في نفس يوم اختفاء نجلاء..وعفاف وصفية..صدفة إنهم يبلغوا،ولا حد بيخليهم يعملوا كده". 
كل حاجة بدأت تلف..بس الخيط الوحيد اللي شدني هو الرسالة اللي ملهاش توقيع.
"تسلميلي على كل حاجة،هنشوف بعض قريب".
الأسلوب ناعم بس فيه غموض..كأن اللي كاتبها مستمتع باللي بيعمله.
أمرت بإحضار كل عقود الإيجار المؤقتة من عند وجيه،وكلفت سعد يراجع كل مكالمات البنات الثلاثة قبل اختفائهم.
الساعة كانت ٦:١٠ مساءً..رنة الموبايل قطعت تفكيري..سعد بيكلمني:
-"يا باشا..الكاميرا اللي كانت متغطية عند القهوة،لقينا فيها فيديو محفوظ على السيرفر الداخلي..بيظهر واحدة من البنات وهي داخلة مع حد،بس الوش مش واضح..بس باين إن الشخص ده طويل،وكان لابس جاكيت أسود..وكان شايل شنطة".
رفعت الموبايل عن ودني وبصيت قدامي..لو عرفنا مين الشخص ده، ممكن نوصل للمفتاح اللي هيحل كل ده.
بس السؤال الحقيقي..هو بيوديهم فين. 
كلمت واحدة من مصادرنا السرية..بنت اسمها "صبرين"، كانت بتشتغل قبل كده متعاونة مع المباحث في قضايا نصب..وشاطرة في التمثيل..شرحتلها كل حاجة، وطلبت منها تأجر شقة مفروشة في نفس العمارة،وتعمل نفسها بنت جاية تدور على شغل.
زرعنا كاميرات في الشقة في السر،وحطينا ميكروفونات في الشباك، وفي الحيطان،وفي مفاتيح النور.
العملية بدأت يوم الخميس..صبرين سكنت،وعملت نفس روتين البنات اللي قبلها..نزلت الصبح،ورجعت المغرب، وراحت سوبر ماركت..كل ده وإحنا مراقبين.
ليلة الجمعة،الساعة عدت ١١، وكنا على أعصابنا..في الكاميرا صبرين قاعدة على الكنبة بتتفرج على التلفزيون..وكل حاجة هادية. 
والساعة ١١:٤٩،خيال ظهر في الكاميرا اللي على الباب.
خبطتين خفاف..صبرين قامت وفتحت الباب..وشه مبانش،بس صوته اتسجل.
قال بنبرة هادية وودودة:
-"مساء الخير، أنا جارك فوق..كنت عايز أقولك على حاجة بسيطة،لو ممكن دقيقة".
صبرين بصت للكاميرا اللي قدامها، وادتلنا إشارة،وفتحت الباب وهو دخل.
وإحنا كنا مستنيين اللحظة دي..أول ما دخل،شوفنا في الكاميرا المثبتة في الأباجورة إنه طويل،جسمه متوسط، لابس تيشرت سادة وبنطلون جينز..بس الغريب بجد كان في مشيته..بيمشي بحذر،كأنه حافظ كل زاوية في الشقة قبل ما يدخل.
قال لصبرين وهو بيبتسم:
-"أنا اسف لو أزعجتك،بس كنت سامع صوت كأنك بتحركي حاجة تقيلة..بس واضح إني كنت غلطان".
ردت عليه ببساطة:
-"لا عادي،يمكن كنت بنقل الترابيزة..مفيش مشكلة".
ابتسم، وقال جملة خلت دمي يتجمد:
-"تحبي تشربي حاجة..أنا عندي قهوة حلوة قوي فوق".
صبرين قالت وهي بتمثل التردد:
-"ممكن..بس دقيقة ألبس حاجة وأجي".
خرج من الشقة وقفل الباب..وأول ما خرج..كنت على السلم مع القوة،ومسكناه قبل ما يطلع دور واحد. 
وشه كان عادي جداً..من النوع اللي تعدي عليه في الشارع ومتفتكرهوش. 
طلع اسمه: كرم عبدالمجيد، ٣٤ سنة، شغال في شركة سياحة،وساكن في الدور الرابع من ٤ سنين.
فتشنا شقته..أول حاجة لقيناها،أوضة كاملة مقفولة،مليانة هدوم حريمي، وبيرفيوم،وشنط يد. 
كان بيقرب منهم بطريقة هادية، مفيش عنف، مفيش صراخ..بس بعد أول زيارة، بيختفوا.
لقينا تليفون، محطوط في درج..فتحناه وياريتنا ما فتحنا،لقينا فيديوهات   اللحظات الأخيرة لنجلاء،ولسمر،ولرانيا.
الراجل ده كان بيتسلى بالموت.
الساعة 10:13 مساءاً..كنت قاعد قدام كرم في غرفة التحقيق،ماسك ملف القضية،وتليفون فيه فديو من الفيديوهات..ولقيت ورقة مكتوبة بخط الايد"اللي بعدها لازم تكون مختلفة".
قولت بهدوء: 
-اسمك بالكامل. 
رابط إيده في بعض،وقاعد في هدوء وقال:
-"كرم عبدالمجيد". 
قولت:
-"أنت عارف إنت هنا ليه ياكرم". 
ابتسم ابتسامة باهتة،وقال:
-"علشان دخلت شقة جارتي من غير إذن". 
رديت عليه بعصبية:
-مفيش إذن بيدخلك..بس في أوضة فيها صور لبنات مختفيين،وفيديوهات للحظات الأخيرة في حياتهم".
قال بهدوء كأنها حاجة طبيعية:
-" يا باشا أنا متحرش أه،بس مش قاتل..أنا كنت بحب أشوفهم،أراقبهم أتخيل حاجات..بس عمري ما أذيتهم".
قولت:
-"والفيديوهات اللي عندك دي إيه..خيال برضوا". 
رد بخوف وقال:
"أنا معرفش جبتوا الفيديوهات دي منين..التليفون ده مش بتاعي،وأنا سايب الشقة مفتوحة، يمكن حد دخل". 
قولت وأنا ببصله في عنيه:
-"طب وهدوم البنات اللي في شقتك".
بصلي وقال:
-"مش بتوعهم..أنا بشتري هدوم حريمي من سنين،كل ما واحدة تعجبني أختارلها هدية تناسبها، بس عمري مالحقت أديها لأي حد..خوفت يفتكروني مجنون". 
قومت واقف،وبصتله من فوق وقولت:
-"أنت متهم رسمياً في قضية قتل عمد مع سبق الإصرار، لثلاث بنات،وعايزين نعرف منك مكان جثث البنات..والنيابة هتشوف شغلها معاك".
كرم حاول يزعق: 
-"أنا مقتلتش حد..أنا بحب الجمال بس، واللي حصل للبنات دول،أنا ماليش دعوة بيه". 
قربت منه وقولت:
-"دي جملة هتعيش ترددها في الزنزانة..بس في الآخر،كل الأدلة بتقول إنك الوحش،وحتى لو نكرت،الرعب اللي عملته مش هينكر وجوده". 
دلوقتي هو في الحبس مستني حكم إعدامه..وأنا كل اللي قدرت أعمله،إني كلمت اهل البنات المفقودة..أم نجلاء،وقولتلها الحقيقة كلها..سكتت شوية طويلة،وبعدين قالتلي:
-"أنا كنت حاسة من أول يوم إنها ماتت..بس كنت محتاجة أسمعها من حد زيك عشان أصدق".
القضية اتقفلت، والوحش اتربط..وأنا معرفتش أنام غير بعد 3 ليالي من اللي شوفته.
بعد أسبوع من القبض على كرم..كنت قاعد في مكتبي،لسه بفكر في اللي حصل،وبحاول أكتب تقرير نهائي عن القضية.
كله بيقولي:
"مبروك يا باشا..جبت الوحش".
وفجأة..الأمين سعد خبط وفتح الباب ودخل،مد عليا ورقة وقال:
-"في بلاغ اختفاء جديد..عفاف اللي جاية تبلغ..بتقول ان أختها كانت ساكنة معاها،واختفت من امبارح..وسايبالها رسالة مكتوب فيها (أنا ماشية بمزاجي)،بس هي شاكة في حاجة تاني". 
انا حرفياً اتصدمت..طلبت فحص الخط..معداش ٣ ساعات، وجالي التقرير..الخط مش خط دينا.
يعني ايه فيه حد كتب الورقة دي، وخرج من غير محد يشوفه..الكاميرات شغالة،لكن اللي كان متسجل اتفرمت من ساعتين..سألت نفسي:
-"كرم".
بس كرم نايم في زنزانته، محبوس حبس انفرادي،وتحت كاميرا 24 ساعة..مبيتحركش حتى من مكانه إلا بإذن..دخلتله وبصيت في عينه، وقولتله:
-"في بنت جديدة اختفت من نفس العمارة،وبنفس الطريقة،وسابت وراها رسالة مكتوبة بس مش بخطها". 
في اللحظة دي،وقبل ما كرم يرد عليا..وصلني بلاغ جديد.
اختفاء واحدة رابعة..بنت عندها ٣٥ سنة..نازلة في شقة مفروشة في عمارة تانية..بس المؤجر وجيه قنديل..وفجأة،وصلني بلاغ جديد.
اختفاء واحدة رابعة..بنت عندها ٣٥ سنة..نازلة في شقة مفروشة في عمارة تانية..بس المؤجر وجيه قنديل.
قلبي اتقبض أول ما سمعت اسم "وجيه قنديل" في البلاغ الجديد.
يعني لو افترضنا إن كرم هو اللي كان ورا كل حاجة..يبقى إيه تفسير اللي بيحصل دلوقتي..وإن كان كرم بريء،ودي حاجة أنا مش مقتنع بيها،يبقى مين اللي بيعمل كده. 
البلاغ الجديد كان عن "دعاء شحاتة"..بنت عندها ٣٥ سنة، جايه من المنصورة ومأجرة شقة مفروشة في عمارة تانية،وبرضو ملك لوجيه..آخر مرة اتشافت كانت داخلة العمارة الساعة ٧:٤٠ مساءً،ومن ساعتها مفيش أي أثر..الجار اللي ساكن جنبها بيقول إنه سمع صوت خبط خفيف،وبعدين الباب اتفتح واتقفل..بس مفيش صريخ، ولا في حاجة غريبة.
أمرت سعد يراجع الكاميرات اللي حوالين العمارة،بس اتكرر نفس السيناريو..فيديوهات من الساعة ٧ لحد ٩ اتحذفت،كأن في حد دخل على السيستم وفرمت كل حاجة.
استدعيت "وجيه قنديل" تاني،والمرة دي بنبرة غضب..قولتله وأنا ببصله في عينه:
-"بص يا وجيه..أنا متأكد إنك مش مجرد مؤجر شقق..من البداية طريقتك مش عجباني،وشاكك فيك من ساسك لراسك..يا إما تتكلم،يا إما هفتح ملفاتك كلها من أولها لآخرها". 
هز دماغه،ورد عليا ببرود:
-"يا باشا أنا راجل كسيب،رزقي كله بالحلال..اللي بيحصل ده وراه ناس عايزة توقعني".
ضغطت عليه أكتر،بس لسانه زي الحجر.
موبايلي رن،كانت"صبرين"..سبت وجيه في المكتب،وخرجت رديت عليها..قالتلي:
-"معالي الباشا،أنا شوفت وجيه داخل الشقة اللي فوقي مرتين بعد نص الليل..ولما قربت من الباب،كنت بشم ريحة عطر حريمي غريبة..كانت نفس الريحة اللي في أوضة كرم".
قفلت منها، واتحفظت على وجيه، وفوراً طلعت إذن تفتيش لشقة وجيه اللي في العمارة..واللي لقيناه هناك،كان صادم.
لما فتشنا الشقة،لقينا باب سري جوه الدولاب..بيفتح على أوضة صغيرة جداً، كأنها زنزانة..مفيهاش غير سرير معدن، وسلسلة مربوطة في الحيط،وكاميرا مثبته في الركن..وكان في دفتر ملاحظات مكتوب فيه تواريخ وأسامي البنات اللي اختفوا..وآخر صفحة مكتوب فيها:
"دعاء - ١٩ فبراير..الدفعة وصلت..اللي بعدها هتكون أصعب".
الدفعة..يعني في حد بيشتري،يعني إحنا مش بس قدام قاتل..إحنا قدام شبكة لتجارة البشر.
بدأت أربط الخيوط من أولها، بس قبل ما أتعمق في التفكير..رنت الموبايل قطعت كل حاجة..رقم مجهول..بس الصوت كان مألوف،قال بنبرة هادية:
-"أنت قربت قوي يا حضرة الظابط،بس قربك ده ممكن يكلفك اللي متتحملوش..خلي بالك بس من صبرين".
وقفل المكالمة..قلبي وقع في رجلي أول ما سمعت اسمه بينطق صبرين..مين ده اللي بيتجسس علينا،ومين اللي قادر يوصلي وأنا ظابط في وسط مكتبي، ويتكلم معايا بالهدوء ده. 
بسرعة كلمت صبرين..الرنة الأولى مردتش..التانية..التالتة..لحد ما ردت، وصوتها كان باين عليه إنها بتغسل وشها:
-"أيوه يا باشا، في إيه". 
="أنتي فين". 
-"في الشقة..كنت طالعة أجيب عيش". 
="اقعدي مكانك،وإوعي تفتحي الباب لأي حد...أنا جايلك حالاً". 
قفلت وركبت عربيتي وطرت على الشقة،دماغي شغالة مليون في الساعة:
هل في حد بيراقبني،وعارف تحركاتي وتحركاتها..وهل فعلاً وجيه واحد من سلسلة كبيرة،وهو بس اللي بيلم البنات ويسلمهم. 
وصلت الشقة،وطلعت السلم جري، دخلت لقيت صبرين واقفة ووشها مش على بعضه..قالتلي:
-"في ظرف تحت الباب،لسه مرمي من شوية". 
فتحته ولقيت فيه صورة دعاء شحاتة وهي مربوطة في السرير،ووشها كله كدمات،وباين عليها آثار التعذيب..ومكتوب تحتها بخط مطبوع:
"اتأخرت كتير..ودي النتيجة..الباقي في الطريق".
قعدت على الكرسي،وأنا حاسس إني في كابوس..اللي بيحصل أكبر مني وأكبر من أي قسم شرطة.
دي شبكة..ناس عندها نفوذ وكاميرات وسيستم،وعندها الجرأة إنها تبعتلي تهديد..بصيت لصبرين وقولت:
-"أنا محتاجك تكوني معايا للآخر..اللي جاي هيكون أسود من السواد". 
ردت وقالت:
-"أنا بدأت المشوار معاك..ومش هسيبك دلوقتي حتى لو كان التمن حياتي". 
في اللحظة دي،الباب خبط..سألتها مستنية حد،قالت لأ. 
قومت ببطء وفتحت..لقيت طفل صغير واقف وبيبصلي..اتكلم بصوت خفيف وقال:
-"الراجل اللي كان ساكن هنا زمان..نسي ده، وقالي أديهولك". 
ومد إيده..كان ماسك مفتاح صغير متعلق في سلسلة..وسابني ومشي.
المفتاح عليه حرفين محفورين: "S.K"
وراسي بدأت تلف..مين "S.K"..ده الراس الكبيرة،ولا ضحية جديدة،ولا إيه بالظبط.
مسكت المفتاح وقعدت أقلبه يمين وشمال،بصيت لصبرين، وقولت:
-"أنا نازل أشوف المفتاح ده هيوصلنا لأيه..أكيد حاجة مهمة". 
قالتلي بقلق:
-"مش هسيبك لوحدك..أنا جاية معاك".
ركبنا العربية، وفضلت ألف في دماغي:
هل المفتاح ده لشقة ولا خزنة..لحد ما لمحت الاسم اللي كان ناقصني على لوحة قديمة جنب محل خردة،
اللوحة مكتوب عليها:
"Sami Karam - سامي كرم"
وقفنا،ونزلنا..البوابة القديمة باين عليها مقفولة من سنين،مصدية..بس المفتاح دخل في القفل..فتحنا الباب بصوت عالي.
دخلنا وسط تراب وتوابيت خشب، وريحة الرطوبة عاملة زي ريحة الموت..النور فاصل،بس نور الموبايل كان كفاية يخليني أشوف اللي قدامي..وفي آخر المخزن كان فيه باب حديد صغير،مكتوب عليه بأسبراي: 
"من هنا خرجت الحكاية"
بصيت لصبرين،لقيت الخوف في عينيها..خدت خطوة لقدام،وقالت:
-"افتحه يا باشا..لو الحكاية خرجت من هنا، لازم تنتهي هنا برضوا". 
فتحت الباب..وكان أول صوت سمعناه هو صرخة بنت..جريت وأنا ماسك مسدسي وصبرين ورايا،لحد ما لقينا سلم نازل تحت الأرض،وفي آخره..أوضة كلها شاشات كاميرات مراقبة شغالة 24 ساعة،وحواليها صور لبنات كتير،وأسماء وملفات وحسابات بنكية..وشاشة واحدة كانت شغالة لايف..فيها بنت مربوطة بتصرخ..وعينها للكاميرا..وبتقول:
-"ألحقوني". 
صبرين صرخت وقالت:
-"دي أسماء..دي كانت بنت جارتنا، واختفت من شهرين".
إحنا لسه على أول الطريق..والمفتاح ده مفتحش باب بس،ده فتح علينا جحيم. 
وقفنا مذهولين قدام الشاشة..صبرين بتعيط،وأنا بحاول أفهم مين اللي بيصور،ومين اللي بعتلي المفتاح ده. 
وسط الورق اللي على الترابيزة،لقيت ظرف مفتوح..جواه ورقة مطبوعة،
ومكتوب فيها:
"كنت فاكر إنك ظابط شريف..طب وريني هتعمل إيه بقى يا حضرة الظابط..المفتاح ده نهاية البداية،والبنت دي مجرد واحدة من مئات..عندك ٧٢ ساعة قبل ما ندفنها في حفرة مالهاش عنوان..لو فعلاً كنت مختلف،أثبت ده..بس أوعى تسلم الملف ده للداخلية،لو عملت كده،هيموتوا كل البنات مرة واحدة..(S)".
قريت الكلام وسكت.
صبرين قالت بصوت مبحوح:
-"ده بيهددك..طب ليه بعتلك المفتاح".
بصيتلها وقولت:
-"أنا كنت في لجنة تأديب من أسبوع..بعد ما فتحت قضية فساد قديمة،والمتهمين فيها ناس تقيلة في الداخلية نفسها..ومن وقتها ناس كتير بقوا شايفيني عدو..اللي بعتلي المفتاح مش عايز ينقذ البنت..ده عايز يجرني،
يخليني أكشف اللي جوه الملف،
بس بعيد عنهم..عايزيني أفتح النار بإيدي،عشان لو وقعت أكون أنا السبب مش هما".
صبرين بصتلي وقالت:
-"يعني الموضوع أكبر من بنت واحدة". 
="أيوه..دي شبكة،فيه بنات بيتخطفوا،
وبيتباعوا،وبينتهكوا،وأنا شكلي بقيت الشوكة اللي في زورهم.
مسكت الظرف تاني، قلّبته في إيدي..شكله عادي،قعدت على الكرسي، والمفتاح قدامي على الترابيزة، جنبه الورقة والملف..صبرين واقفه ورايا، صوت نفسها باين فيه انها حمقانة، بس بتحاول تمسك نفسها.
سحبت الورقة..مفيهاش غير سطرين، وتوقيع بحرف واحد"S"،مش اسم،لأ..ده مجرد حرف.
قومت فجأة وقولت:
-"صبرين..إنتي متأكدة إنك مشوفتيش اللي جابلك الظرف". 
بصتلي وهي مخضوضة، وهزت راسها:
-"أيوه،الصبح لقيته على باب الشقة. الظرف عليه اسمك، بس مفيش توقيع المرسل". 
كأن حد متعمد يخليني اعيش في توتر.
رجعنا القسم،وروحت على الخزنة الصغيرة اللي ورا المكتب، فتحتها وطلعت منها دوسيه قديم..فيه القضايا اللي ما اتحلتش،اللي بنسميها إحنا "الملفات البايتة"..قعدت أقلب:
-قضية المستشفى اللي اختفى فيها طفلين..قضية الحارة اللي كانت بتولع كل يوم 3 الفجر..قضية البنت اللي رجعت من الجنازة حية..وبعدين قضية "سلوى نعمان" 2007.
سحبت الملف كأني لاقيت حاجة كنت بدور عليها من سنين..أول ورقة فيه كانت بخط إيدي:
-"المشتبه فيه بيستخدم توقيع برمز واحد..الحرف (S)".
رفعت عيني وبصيت للمفتاح،وحسيت إن اللغز اللي ماتحلش من 18 سنة..بيتحل.
كنت قايل للأمين سعد يطلع وجيه يوديه المكتب بتاعي..ودخلت المكتب  ووشي كله غضب..وجيه كان قاعد مهزوز،بس بيحاول يبان ثابت.
قربت منه وضربت بإيدي على الترابيزة قدامه وقلتله بنبرة غضب:
-"قولي بقى يا وجيه..الزنزانة دي بتاعت إيه..والملاحظات دي كاتبها لمين..وبتبيع البنات لمين".
سكت لحظة،وبصلي بنظرة زي اللي بيحسبها..وبعدين قال:
-"أنا معرفش حاجة عن الكلام ده..الشقة دي كنت مأجرها لواحد معرفهوش، دفعلي كاش ومرضيش يكتب اسمه في العقد".
قربت منه أكتر،وقولتله بهدوء يخوف:
-"لو كملت كدب..هتطلع من هنا على النيابة فوراً بتهمة الاتجار بالبشر، وساعتها حتى محامي اللي خلّفك مش هينفعك".
وشه بدأ يعرق، وصوته بقي واطي وقال:
-"بصراحة يا باشا أنا مكنتش عارف التفاصيل،بس كنت بشك..فيه واحد اسمه مراد،كان بيجيلي من وقت للتاني،بياخد بنات من كذا شقة..ويقولي مفيش داعي تتدخل،وهيوصلك نصيبك آخر الشهر". 
رفعت حاجبي، وقولتله:
-"ونصيبك ده كنت بتسميه إيه..سمسرة،ولا تمن عرض بنات".
سكت وحط وشه في الأرض.
طلبت من الأمين سعد يرجع وجيه الحبس،وخرجت من المكتب وأنا مولع..الشبكة دي شكلها كبيرة،ووجيه كان مجرد وسيط صغير،دلوقتي لازم أقبض على مراد..ولازم أعرف مين اللي فوق مراد.
كان في سؤال بيزن في دماغي:
"هي دعاء كانت الضحية الأخيرة..ولا لسه في بنات محبوسين ومستنيين اللي ينقذهم".
كلمت واحد من المخبرين القدامى، عبدالباسط شامة،وده عنده عين في كل مكان..قولتله:
-"عايزك تجيبلي عنوان مراد ده..النهاردة مش بكرة".
رد عليا بسرعة:
-"عنية يا باشا، ده كان ظاهر في منطقة وسط البلد من أسبوع،وبيحب يقعد في كافيه اسمه قهوتي،بيتردد في معاده".
بعد أقل من ساعتين، جالي الرد:
-"مراد لسه خارج من الكافيه،وركب تاكسي واتجه ناحية جاردن سيتي". 
على طول اخدت قوة صغيرة، وروحنا للمكان اللي بلغنا بيه عبد الباسط،ورصدنا التاكسي..مراد نزل من التاكسي ودخل عمارة شكلها راقي بس قديمة..استنيناه يطلع،وبعد ١٥ دقيقة بالضبط،طلع من باب العمارة..قبضت عليه.
في القسم..دخلت عليه وأنا شايل ملف فيه صور الأوضة اللي لقيناها، وصفحة دفتر وجيه..قفلنا الباب وبدأ التحقيق..سألته بنبرة فيها كره:
-"مراد..تحب تبدأ منين،من البنات اللي بعتهم، ولا من الناس اللي وراك". 
بصلي بابتسامة سخيفة وقال:
-"باشا أنا شغال في السياحة..كل اللي بتقول عليه ده مش من شغلي". 
رميت صور الأوضة على الترابيزة بعنف،وقولت:
-"زنزانة جوه دولاب يا مراد..هو ده شغل سياحة،والدفتر ده المكتوب فيه أسامي وتواريخ، ومذكور اسمك في أكتر من صفحة". 
وشه اتغير..والابتسامة اختفت،وصوته واطي وهو بيقول:
-"أنا كنت مجرد ناقل..وفيه واحد فوق الكل هو اللي بيطلب البنات،وأنا بنفذ بس". 
قولتله:
-"مين هو الشخص ده".
اتردد،بس لما شافني متعصب، قال:
-"اسمه الحقيقي محدش يعرفه، كلنا بناديه بـ "المهندس"..ودايماً بيتعامل من ورا ستارة..بيبعت ناس غيره،وبيغير تليفوناته كل يومين..بس آخر مرة قابلته،كان في فيلا،في التجمع الخامس". 
سألته:
-"قولي العنوان". 
هز دماغه وقال:
-"عارفه..بس لو روحتله،محدش هيخرج سليم من هناك". 
بصيتله وقولت:
-"متقلقش..احنا مش رايحين نسلم، احنا رايحين نفتح عليهم أبواب جهنم".
اخدت قوة،واتحركنا على الفيلا..المكان كان بعيد،فيلا منعزلة عن العمار، متحاوطة بسور عالي وكاميرات متعلقة في كل زاوية.
وصلنا قبل الفجر،وأنا واقف ببص من بعيد حسيت إن الجو في المكان ده مش طبيعي..فيه ريحة خوف..موت.
قولت للقوة اللي معايا:
-"النهاردة يا رجالة،مش بس بنقبض على مجرم..إحنا هنوقع شبكة وراها دم،وبنات ضايعة..وناس فاكرة نفسها فوق القانون".
وزعت الأفراد، واستنينا إشارة عبدالباسط،اللي كان راقب الفيلا من بدري.
الإشارة جات..فيه حركة جوه..راجل طالع من البدروم،ونزل شنط من عربية سودة". 
في اللحظة دي،أمرت بالهجوم..وفعلاً اقتحمنا الفيلا،واللي حصل بعدها كان أشبه بكابوس.
دخلنا من الباب الرئيسي، المكان نظيف بزيادة..مفيهوش ريحة حياة..بس أول ما نزلنا البدروم،ريحة الموت خبطت في وشنا.
أوضة كبيرة مظلمة، بس فيها نور خافت جاي من لمبة صفراء بتتهز..شوفت ستات قاعدين على الأرض،وشوشهم مليانة رعب..فيه اللي مربوطة،وفيه اللي بتبكي،وفيه اللي مش بتتكلم خالص كأنها فقدت صوتها.
واحدة فيهم أول ما شافتنا،صرخت وقالت:
-"ساعدونا..المهندس فوق،قال هيولع فينا لو حد قرب". 
طلعت جري على السلم، وأنا قلبي بيدق زي طبول الحرب..دخلت أوضة في الدور الثاني، وهناك لقيته..راجل في أوائل الخمسين شيك،لابس بدلة رمادي غامق،قاعد على مكتب وورا ضهره خريطة كبيرة..بيبصلي بصة كأننا نعرف بعض..وقالي بهدوء مستفز:
-"كنت عارف إنك هتيجي،بس برضوا اتأخرت". 
رفعت سلاحي،وقولتله:
-"والبنات اللي تحت،كانوا مستنييني أكتر".
ضحك وقال:
-"انت فاكر إنك أول واحد يوصلي..فاكر إنك هتقفل القصة..دي شبكة كاملة،وأنا بس العنوان". 
قولتله:

تعليقات