القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة اسرار المقابرالفصل الثاني2بقلم محمود الامين

قصة اسرار المقابر
الفصل الثاني2
بقلم محمود الامين
أنا ما كنتش على السرير، أنا لقيت نفسي في قبر، حاولت أقوم لقيت نفسي متكتف، مش عارف أتحرك. بصيت حواليا لقيت كل الجثث بتتحرك وبتقوم من مكانها، عاوز أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، عاوز أقرأ قرآن، كل حاجة راحت من دماغي واتمسحت.
لكن في صوت جاي من بعيد، الصوت ده أنا عارفه كويس، ده صوت أمي. فتحت عينيا لقيت نفسي على السرير، كنت تعبان ومرهق، ولقيت أمي قدامي بالكرسي بتاعها وسألتني:
_ مالك يا حبيبي؟.. فيك إيه؟
= مالي يا ماما، أنا كنت نايم.
_ نايم إيه؟.. أنا جيت على صوتك، انت كنت بتصرخ، ولما دخلت عليك الأوضة كنت عمال تخترف وتقول "ابعدوا عني".
= أنا كنت بقول كده؟
_ أيوه يا ابني، وأنا جيت أصحيك عشان ميعاد الشغل خلاص قرب
بصيت في الساعة، اللي كانت داخلة على 7 الصبح، فقمت واتعدلت في السرير وأنا مش فاهم إيه معنى الكابوس اللي أنا شُفته ده؟
قمت من مكاني ودخلت الحمام وجهزت نفسي عشان أتحرك على الشغل، وبعد ما فطرت مع أمي اتحركت على الشغل، وأول ما وصلت لقيت عم بسطاوي قاعد قدام الأوضة وكان بيشرب سيجارة.
_ صباح الخير يا عم بسطاوي، سجاير على الصبح كده؟ ده انت حتى لسه ما فطرتش.
= الفكر يا ابني، الفكر ده وحش أوي.
_ وبتفكر في إيه يا عم بسطاوي؟
= معايا بنتي تعبانة والله، ومش عارف ألاقيها منين ولا منين؟
_ وحِّد الله، وإن شاء الله خير. ربنا يشفيها ويعافيها.
= يا رب.. إلّا بالحق، كنت عاوزك في طلب كده.
_ رقبتي يا عم بسطاوي، إيه الحاجة اللي انت عاوزني فيها؟
= كنت عايزك تستحملني كام يوم نقلب فيهم شِفت، يعني انت تبقى بالليل وأنا أبقى بالنهار، عشان بس أعرف أودي بنتي المستشفى.
_ بس كده؟ خلاص يا سيدي، روح انت النهاردة وخد أجازة، وتعالى استلم مني بكرة الصبح. أنا النهاردة هشد اليوم كله.
= بس ده تعب عليك يا ابني.
_ ولا تعب ولا حاجة، خليها على الله يا عم بسطاوي.
= كله على الله يا ابني، نفس مجدعّة أبوك، الله يرحمه، فعلًا اللي خلّف ما ماتش.
_ الله يرحمه يا عم بسطاوي، يلا روح انت عشان تلحق بنتك.
مشي عم بسطاوي، وأنا قعدت أفكر في دور الجدعنة اللي أنا عملته ده. طبعًا أنا لا فكرت في السهر اللي هسهره، ولا في أمي التعبانة اللي في البيت، بس خلاص، هي كلمة وطلعت مني، والراجل بيتربط من لسانه.
عدى النهار، والدنيا كانت عادي ماشية، لحد ما الليل ليل.. وكانت الساعة داخلة على 9. وقتها لمحت ناس جاية من بعيد، وعرفت إنها دفنة جديدة.
قربت منهم وأنا بفتح لهم الباب، وعرفت إن المتوفى مات في حادثة عربية. بس لما بصيت على التاريخ المكتوب على القبر اللي هينزل فيه، واللي كان بالمناسبة قبر أبوه، عرفت إنه متوفي الشهر اللي فات.
واضح كده إن الموت بيزورهم كتير، يلا أهي دنيا، والأعمار بيد الله.
نزلوا النعش على الأرض، وطلعوا الجثة، وشلتها أنا وواحد من سني ونزلنا بيها على جوه. الواد خاف، ويا دوب نزلنا الجثة على الأرض وخرج يجري، أما أنا فوقفت مذهول من منظر الجثة اللي جنب الجثة اللي لسه مدفونة، واللي كانت وشها مكشوف، العينين وفك الأسنان مش موجودين. استعذت بالله من الشيطان الرجيم، وقبل ما أتحرك، سمعت صوت بيهمس باسمي:
عدناااان.. عدنااااان
كنت خايف أبص ورايا، أصل الصوت جاي من الجثة اللي على الأرض، لكن اتشجعت وأخدت نفس وبصيت.. لقيت الجثة قاعدة، وفي صوت بيتردد في دماغي: "رجّعلي عينيا.. رجّعهم يا عدناااان".
خرجت أجري من القبر، والناس أول ما شافتني كانت مخضوضة، لكني قفلت الباب بسرعة، وكنت باخد نفسي بالعافية.
وبعد ما الناس مشيت، رجعت عند الأوضة وأنا مش فاهم حاجة. طيب، الجثة دي مين اللي عمل فيها كده؟ كنت بسأل نفسي، لكن في الوقت ده لمحت حد بيتمشى وسط المقابر، كان ماسك كشاف وبيتمشى على مهله.
قمت من مكاني، وأخدت السلاح، واتحركت براحة عشان ميحسش بيا، لحد ما بقيت واقف وراه، وشايفه وهو بيحاول يفتح قبر.
وجهت السلاح ناحيته وأنا بقوله:
_ ابعد عن القبر بدل ما أفرّتك دماغك!
كان راجل لابس جلابية، بشرته سمراء خالص، عينيه أشبه بعيون القطط، واتكلم وقال:
_ انت مين؟.. انت جديد هنا ولا إيه؟
= انت اللي مين؟.. وبتعمل إيه هنا؟
_ أنا جاي أخد المعلوم، ومتفق ودافع عربون كمان.
= وإيه هو المعلوم إن شاء الله؟
_ وانت مالك انت؟ شوف نفسك رايح فين؟
= ده انت حرامي وبجح بقى! طيب لو فتحت القبر ده، أنا هضربك بالنار.
_ بقولك إيه، روح اندهلي الحاج مختار، اتفاهم معاه، ده أنا دافع عربون 5000 جنيه.
= انت دافع لأبويا 5000 جنيه؟.. بتوع إيه دول؟
_ أبوك؟.. هو انت ابن مختار؟.. أمال هو فين؟
= أبويا توفى يا أستاذ، وأنا مسكت مكانه، وبعد إذنك، فهمني إيه الحكاية بالضبط؟ إيه موضوع الفلوس ده؟ وإيه اللي دخل الموضوع ده في إنك رايح تفتح القبر؟
_ أنا كنت متفق مع أبوك، إني هاجي أخد جثة زي ما بنعمل كل مرة، بس كنت عايز جثة ما فاتش على وفاتها أسبوع. أخد مني الفلوس، وقالي على مكان القبر، وأنا النهاردة جاي عشان أخد الجثة وأديله باقي فلوسه.
= انت كداب، أنا أبويا كان راجل شريف، ومستحيل يعمل اللي انت بتقوله ده!
_ شريف مين يا عم؟.. أبوك ياما أخد فلوس مني ومن غيري، وسابنا ناخد جثث وأعضاء.
= لو نطقت كلمة تاني، هضربك بالنار، وامشي من هنا. ما فيش جثث هتتاخد.
_ طيب، لو مش مصدقني، اسأل بسطاوي، وهو هيقولك على الحقيقة كلها. وطالما فيها سلاح، وانت مصمم تقتلني، أنا هسيبك دلوقتي وامشي.
بس قدامك حل من الاتنين: يا تسيبني أخد المراد بتاعي، يا ترجعلي فلوسي اللي أخدها أبوك.
غير كده، أنا ما أعرفش، ولو وقفت في سِكتي المرة الجاية، صدقني، هتكون نهايتك على إيدي.
مشي الراجل، وأنا مش مصدق أي حاجة من اللي قالها. مستحيل أصدق على أبويا الراجل الشريف الطاهر الكلام ده.
أنا أبويا، الناس كلها بتحكي وبتتحاكى بأخلاقه. يجي واحد زي ده يسوّء سمعته؟
قعدت صاحي طول الليل، مش عارف أنام، لحد ما صبح الصبح، ولقيت عم بسطاوي داخل عليا.
كنت تعبان ومش قادر أتكلم، أنا سبته ومشيت، ورجعت على البيت، وأول ما دخلت، دخلت على أوضة أبويا.
فضلت أفتش في كل حتة فيها، وأمي كانت بتسألني "في إيه؟"..
والكارثة لما فتحت دولابه، ولقيت فيه صورة، صورة كانت بتجمع أبويا وعم بسطاوي والراجل اللي شُفته في المقابر.
لكن الصدمة الأكبر في الورقة اللي لقيتها تحت الصورة.. كانت كشف حساب في البنك، والكشف ده كان باسم أبويا، وفيه فلوس كتير.
بصيت لأمي وأنا مصدوم، ومش مصدق اللي سمعته عن أبويا.
كانت بصالي ومش فاهمة حاجة، وأنا ما حبتش أصدّمها في أكتر شخص هي حبّته.
أنا دخلت على أوضتي، كنت بعيط بحرقة. كنت فاكر أبويا راجل محترم، لكن يا خسارة.. طلع مرتشي وفاسد.
رميت جسمي على السرير، وروحت في النوم، وكالعادة كان لازم أحلم.
بس المرة دي الحلم كان غريب...
شُفت نفسي واقف في المقابر، الجو كان ليل، وشُفت نفس الشخص بيفتح باب القبر وبيدخل، وكان وراه واقف عم بسطاوي.
لكن الراجل طول جوه، وبعدها سمعت صرخة هزت الأرض، وده اللي خلّى عم بسطاوي يدخل بسرعة جوه عشان يشوف حصل إيه.
لقيت نفسي بتحرك، ودخلت وراهم، لكن وقتها شوفت.

تعليقات