القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة فقدان الفصل الاول1 بقلم هنا عادل

قصة فقدان 
الفصل الاول1 
بقلم هنا عادل
احب اعرفكم عن نفسي فى البداية، اسمي عبدالله، عندي 45 سنة، مقطوع من شجرة ماليش اخ ولا اخت وامي وابويا ربنا افتكرهم من سنين طويلة، انا اصلا من المغرب لكن جيت على مصر من وانا سني 20 علشان ابويا كان بيشتغل فى مصر، وطبعا مع الوقت ومشاغل الدنيا وخسارتي لأبويا وامي فى فترة قصيرة دخلتني فى صدمة علاقتي اتقطعت مع كل قرايبنا وناسنا فى المغرب، لا بتصل بحد ولا حد بقى بيتصل بيا خاصة ان فى العادي انهم كانوا بيتواصلوا مع ابويا ومع موته ماتت صلة الرحم اللى كانت بتتوصل عن طريق التليفون، بشتغل موظف فى شركة مقاولات والحمد لله ظروفي المادية مش احسن حاجة وفى نفس الوقت مستور حالي يعني، انا من الناس المنطوية اللى مالهاش علاقات ولا صداقات كتير، وده كان بسبب اني اتعودت على خسارة الناس اللى بحبها ومعاشرها، بدأت خسارتي من وقت ما سافرنا وسيبنا بيتنا وبلدنا واتنقلنا لبلد جديدة ومكان دراسة جديد وجيران جديدة، وطبعا لأننا منعرفش حد فكانت علاقات اهلي محدودة جدا مع الناس ومجرد ما بدأت اتعود على الناس ويبقالي فيهم اصحاب اضطرينا ننقل من المكان اللى احنا فيه لمحافظة تانية غير اللى كنا فيها، وسيبت الصحاب الجداد، والبيت الجديد وروحت مكان تاني، وده كان تقريبا بيحصل كل ست شهور نتنقل من محافظة لمحافظة وده خلاني ماليش حد غير امي وابويا اللى بوفاتهم بقيت لواحدى، علاقاتي فى دراستي كانت زمالة مش اكتر، وفى الشغل كمان نفس الحكاية، لا اعرف حد من الجيران ولا حد يعرفني، وفي الشغل كل كلامي مع الزملا بخصوص الشغل وبس، لكن تعبت وزهقت من الوحدة بقى، عايش فى شقة كئيبة مملة حتى الوان الحيطان بتاعتها تحبط اللى عينه تقع عليها، بيت ميت مفيش فيه روح ولا صوت، سني كبر ووصلت لل35 وانا لسه لواحدي، حسيت ان هييجي عليا اليوم اللى اموت فيه وانا لواحدي، كنت قاعد قدام التليفزيون وانا سرحان وبفكر فى اللحظة اللى هموت فيها، ياترى حد هيلاحظ غيابي؟ طيب هفضل ميت على حالي فترة طويلة لحد ما ريحتي تطلع ولا اللى حواليا هيلاحظوا ان ممكن يكون جرالي حاجة؟ كل الافكار السودوية اللى تقول اني هموت ومحدش هيعرف غير لما الريحة بتاعت جتتي تخرج من الشقة كانت بتدور فى دماغي، مش عارف ليه دايما افكاري كئيبة كده؟ لقيت نفسي بقول بصوت مسموع:

- كفايا عليك وحدة بقى يا عبدالله، جه الوقت اللى تتجوز ويبقالك عيلة وعزوة.
اخدت قرار بأني اشوف واحدة بنت حلال وتكون مطيعة ومحترمة تعيش معايا وتقبل طباعي وظروفي، خاصة اني مش بحب التدخل ولا الزحمة ولا بحب حد يعرف عني حاجة اصلا، اكيد اللى هاخدها مش هتكون هي كمان مقطوعة من شجرة، واكيد مش هتكون انطوائية زيي كده، علشان كده كنت عايز واحدة تقدر تتقبل انها تكون زيي، حتى لو كل واحد فينا هييجي على نفسه شوية ويتنازل عن شوية حاجات علشان التاني لكن فى المُجمل تكون قابلة اننا نكون فى حالنا لأقصى درجة، ولأني معرفش حد قررت ادور على خاطبة، هي طبعا طريقة قديمة اوي لكن فى نفس الوقت انا مفيش قدامي حل تاني، اصل انا معرفش حد ومش هروح اخبط على بيوت الناس اقول عروسة يا ولاد الحلال، وصلت لواحدة خاطبة بس فى منطقة غير اللى انا عايش فيها، اتحرجت بصراحة اتكلم فى حاجة زي دي مع ناس قريبة من مكاني، يعالم الدنيا تمشي ازاي مش عايز حد من اللى حواليا يكون عارف عني حاجة، قابلت الست ام خديجة اللى كانت شبه الامهات بتوع زمان كده، ست طيبة جدا وخدمة لأقصى درجة وتقريبا دي اول حد من بعد امي وابويا اقعد واتكلم معاه واحكي كل حاجة تقريبا عني علشان تبقى عارفة لما ترشحني لعروسة هتقول ايه وتبقى عارفة كمان طلباتي ايه، ابتسمت ام خديجة وهي بتقولي:
- اللى زيك قليلين يابني، بس انت ابن حلال ورزقك في رجليك، طلبك عندي.
ابتسمت وانا بقولها بأحترام:
- بالسهولة دي يا حاجة؟ ده انا قولت هستنى شوية وقت حلوين كده..
رديت الست ام خديجة وهي بتقول بأبتسامة:
- ربك بييسر الحلال يابني، واللى عندي نفس ظروفك، بنت يتيمة ومكسورة الجناح، تحطها فى بيتك وانت مرتاح البال، مالهاش بعد ربنا لا اخ ولا خال ولا عم...
رديت بتساؤل:
- اومال قرايبها فين؟
لقيت الست بترد عليا وهي بتضرب كف على كف:
- اهلها منهم لله، اكلوا ورثها، طمعوا فى فلوس اخوهم اللى هو ابوها ورموها فى اوضة فوق السطح بيدفعوا ايجارها بالضالين، ولما بقوا يستخسروا يدفعوه نزلت تشتغل هي وربنا ساترها معاها لأنها غلبانة ومحترمة وبتاعت ربنا.
قلقت بصراحة وانا بقول:
- بس يا حاجة انا مش بتاع مشاكل، واقلق اهلها يكونوا بتوع مشاكل ويوجعولي دماغي...
قاطعتني وهي بتقول:
- ولا حد يابني يعرف عنها حاجة ولا حد جه طل عليها من سنين، شوفها واقعد معاها واللى فيه الخير يقدمه ربنا، وانا هكون معاكم.
اتحرجت وانا بقولها:
- مش عارف، قلقان ميحصلش نصيب والرفض يبقى مني واحرجها.
رديت الست وهي بتضحك:
- طيب ولو جه الرفض منها هنقول لاء عيب ولازم تتجوزك علشان متكسفكش؟ يابني القبول ده بتاع ربنا، توكل على الله واللى ربنا كاتبه هيحصل.
رديت بأبتسامة من تفاؤلها:
- ماشي يا حاجة، خلاص شوفي الميعاد اللى تحدديه معاها وبلغيني بيه، هعدي عليكي بكرة بعد المغرب اعرف منك الميعاد.
ام خديجة:
- ان شاء الله يابني.
مشيت من عندها وانا بقول لنفسي:
- مش هتخسر حاجة يا عبدالله، لو مفيش قبول هتقول للست وهي هتتصرف، اصل الجواز ده مفيش فيه حرج، اللى فيه الخير ربنا يقدمه بقى.
مش هتكلم عن شغلي كتير ولا احكي عن يومي فيه لأنه روتيني لأقصى درجة، انا كل ايامي فى اي مكان روتينيه عموما، المهم عديت على الست ام خديجة وعرفت ان الميعاد اتحدد وناسبني فعلا وبقيت فى انتظار المقابلة دي بشغف الحقيقة، انا مش من الناس اللى بتفكر فى الشكل لكن فى نفس الوقت اكيد مش عايز واحدة مش مقبولة كشكل يعني، قلقان ومتوتر بشكل غريب وكأن انا مفييش عيب، جه ميعاد المقابلة اللي كان هيبقى فى بيت ام خديجة جهزت ولبست الحتة اللى على الحبل وانا فى الطريق اشتريت علبة شيكولاتة، وروحت خبطت على باب ام خديجة فتحتلي بحماس وابتسامة تريح القلب وهي بتقولي:
- يا الف مرحب، اتفضل يابني.
دخلت على اوضة الصالون المتواضعة جدا بتاعتها اللى كانت عبارة عن كنبتين عربي وكرسي انتريه اسيوطي متهالك وماسك نفسه بالعافيه، وبرغم بساطة بيتها الا انه مريح جدا، المهم دخلت قعدت على الكرسي وباين عليا القلق، لاحظت هي وقالتلي:
- استني هجيب العروسة واجي.
طلعت من الاوضة وسابتني متوتر جدا، وبعد خمس دقايق اللى فاتوا كانهم ساعة دخلت وهي ماسكة فى ايد بنت مش شايفها كويس لأنها مستخبية ورا ام خديجة، واتكلمت الست بمرح وهي بتقول:
- اطلعي بقى يابنتي من ورا ضهري، مش هياكلك الراجل.
قمت وقفت احترام ليهم، وانا الفضول مموتني اشوفها، ابتسمت ام خديجة وهي بتسحب ايديها بالبنت من ورا ضهرها علشان تقف قصادي وعنيها فى الارض، ولفيت ام خديجة للعروسة ومسكت وشها بأيديها ورفعته لفوق وهى بتقولها:
- مكانش قرش صاغ مرمي على الارض ده اللى عينك متشالتش من عليه، يابت ارفعي وشك في ايه؟
ابتسمت انا على هزار الست وابتسمت العروسة وهي بترفع وشها.... اقل ما يُقال عنها..ملاك، شوفتها فتحت بوئي من اعجابي، البنت محجبة وجميلة جمال مبالغ فيه، انا مش عارف ايه مقاييس الجمال بالظبط، لكن اقسم ان هي اللى اتحدد على شكلها مقاييس الجمال، عارفين اللى عينكم تقع عليه وتقولوا ده مفيش فيه غلطة، هي كانت كده، برأة وقبول وراحة وهدوء ملامح وجمال سبحان الخالق، كنت سامع صوت دقات قلبي اول ما عيني وقعت عليها، هي عنيها اترفعت فيا مرة واحدة ومترفعتش مرة تانية، لكن الست ام خديجة لاحظت اعجابي وقالتلي:
- نقول على البركة، تعالوا بقى نقعد علشان كل واحد فيكم يعرف عن التاني اللى لازم يتعرف، واللى اوله شرط اخره نور.
قعدنا وكنت حاسس اني طاير من الفرحة، اتكلمت وكأني اول مرة اتكلم فى حياتي، قولت كل حاجة عني، وهي ساكتة وبتسمع وعلى وشها ابتسامة جميلة، وبعد ما قولت كل حاجة لقيت الست ام خديجة بتقول:
- شوف يا استاذ عبدالله، عروستنا الحلوة دي اسمها ليلى، ظروفها متفرقش كتير عن ظروفك، هي لها اهل موجودين لكن زى عدمهم، اعتبرني انا اهلها وضهرها وسندها بعد ربنا، يعني لو ربنا قسم اتفاقك هيكون معايا، ولو زعلتها انا اللى هقف ليك، ولو هي اللى زعلتك انا اللى هاخدلك حقك منها...بس لو حصل نصيب ان شاء الله هيكون ليا شرط واحد بس...
رديت بمقاطعة:
- شرط ايه يا ست ام خديجة؟ خير؟

تعليقات