القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة فقدان الفصل الثاني2بقلم هنا عادل

قصة فقدان
الفصل الثاني2
بقلم هنا عادل
ام خديجة:
- تقعدها من الشغل ومتحوجهاش لحد، والسكن اللى تعيشها فيها لا يكون لها جار ولا صاحب فيه، يعني لا تلاقيك داخل عليها بصاحب شغل وفى ايده مراته، ولا تقولها جايبلك زميلي يتغدا معايا، هتفضل فى حالها ومحدش هيروح وييجي عليها غيري، ويوم ما حد من اهلها يفكر انه يدور عليها هتلاقوني انا اللى قصادهم.
هنا ابتسمت انا لأن كل كلامها ده بالنسبالي مش شرط دى طبيعة حياتي اصلا:
- ياااه ياحاجة ده انا اتخضيت، بقى هو ده الشرط؟ ياستي ده احب ما على قلبي، انا طول عمري فى حالي ومش بحب التدخل ولا التعامل مع الناس، ولو على السكن ياستي ربنا ييسر انا كنت شايل قرشين للزمن هدور على بيت من بابه يكون دور ولا دورين واحط فيه القرشين اللى معايا، وربنا هيرزقني برزقها بقى...بس المهم انا مسمعتش رأيها.
ام خديجة بأبتسامة راحة:
- ايه يا عروستنا؟؟ مسمعناش صوتك يعني، ها ايه رأيك؟
ليلى وشها كان بلون الورد من الكسوف، ولونه زود جمالها، عنيها من الكسوف كانت بتلمع بدموع مش عارف ده كسوف ولا فرحة ولا احساسها بالوحدة كان غالب عليها، حسيت ام خديجة باللى فيها وحبيت تفك الجو شوية فقالت:
- جرى ايه ياليلى، التُقل صنعة بس مش اوى كده يا قمرنا، سمعينا صوتك وقولي رأيك، ومتقلقيش القاعدة دي محدش هيطلع منها زعلان حتى لو مفيش نصيب كفايانا عرفنا بعض.
هنا طلع صوت ليلى اللى كان شبه النغمات بالظبط من جماله:
- هقول ايه يا حاجة بعد اللى قولتيه؟ انتي امي واللى تشوفيه فى مصلحتي انا راضية بيه.
كنت سرحان فى صوتها اللى فوقتنى صوت زغروطة ام خديجة اللى كانت بترن فى البيت، ابتسمت اوى انا وعنيا على ليلى اللى كانت بتبتسم بأدب وكسوف اول مرة اشوفهم فى حياتي، يمكن لأني متعاملتش مع ستات قبل كده او قعدت قصادهم بشكل مباشر كده، لكن متأكد ان مش كتير فيه نفس مواصفات ليلى، كنت حاسس بفرحة كبيرة خلتني بأستعجال اقول:
- طيب انا من بكرة يا حاجة هنزل اشوف موضوع البيت ده، هكلم كل السماسرة فى اي مكان لحد ما الاقي اللى يعجب ست العرايس، واللى هتطلبوه مٌجاب، بس مش عايز منها غير انها تراعي ربنا فيا.
ام خديجة:
- دور انت من ناحيتك وهدورلكم انا كمان من ناحيتي، اما من ناحية المراعية....متقلقش انا اضمنهالك براقبتي.
مشيت من عند الحاجة ام خديجة بعد ما اتفقت معاهم على اننا ننزل نشتري الشبكة ونقرا الفاتحة بعد اسبوع من القاعدة دي، ومجرد ما هلاقي البيت نعقد كتب الكتاب ونتجوز اول ما اجهز البيت، ولأني عارف شرع ربنا وكمان ظروف ليلى اللى كانت اغلب من الغُلب بلغتهم اني حتى شنطة هدومها هتبقى هدية مني ومش عايز منها حاجة غير انها تدخل بيتي تنورهولي، ومبقاش قدامي حاجة غير اني اشوف البيت، بقيت بكلم السماسرة اللى رايح واللى جاي وادور عليهم على القهاوي واخلص شغلي وانزل الف واشوف ده واسمع سعر ده لكن الاسعار بالنسبة للي معايا كانت كتير وكتير اوى كمان، للحظات حسيت اني اتسرعت فى الكلمة اللى طلعت مني لأم خديجة وليلى، حسيت اني صدرت نفسي فى حاجة مش هعرف اكون قدها، رجعت بيتي وانا مخنوق مع ان لسه مفاتش يومين على رحلة البحث دي لكن انا مستعجل لدرجة اني عايز الجواز كان يبقى امبارح مثلا، على الحال ده مر كمان يومين ولقيت الباب بتاع بيتي بيخبط، استغربت لأن محدش بيجيلي خالص واول ما فتحت لقيت الست ام خديجة داخلة البيت وهي بتقول بسعادة:
- السلام عليكم يا اهل البيت، عايزة البشارة بقى ياعبدالله، انا جيبتلك مرادك.
دخلت وراها وقعدت على الكرسى اللى جنب الكنبة اللى هي قعدت عليها وانا ببتسم وبقولها:
- خطوة عزيزة يا حاجة، الخير على قدومك.
رديت هي بفرحة وحماس:
- حلاوتي كبيرة، العروسة والبيت، مش هجيبلك العيال بقى كمان اعتمد على حالك شوية.
بفرحة رديت عليها:
- بيت؟! لقيتي بيت بجد؟ بكام؟ فين؟
ام خديجة:
- اه بجد والله، بيت صاحبه مهاجر من سنين وموصي سمسار يخلصهوله، بس السمسار كان مستغل البيت وبيأجره لأن الراجل مالهوش حد فى البلد هنا يدور ورا مصالحه، بس لما اتكلمت معاه وعرف انه هيطلعله بقرشين حلوين ولأنه معرفة قديمة قال انه هيوجب معايا ويسيبلنا البيت.
كنت هتنطط من الفرحة وانا بقولها:
- والسعر؟ السعر ايه يا حاجة؟
رديت ام خديجة وقالتلي:
- متخافش مش هتختلفوا على السعر، هيخلص بأقل من سعر المتر فى المنطقة كلها، مش بس كده...ده بيت جاهز من مجاميعه هتغسلوا رجليكم وتدخلوا.
كنت عايز اطير وانزل من البيت فى ساعتها، وهي فرحتني لما قالتلي:
- لو عايز تريح شوية وتتغدا وننزل نقابل الراجل بعد المغرب، هو هيبقى مستنينا انا مرديتش اقوله بكرة ولا بعده احسن يشغل دماغه ويقول لاء خليه احسن اهو مدخله فلوس كل كام شهر لما بيجيب سُكان يقعدولهم فيه شوية...
قاطعتها وانا بقول:
- هتلاقيني تحت بيتك المغرب، وان شاء الله حتى اخد معايا العربون لو اتفقنا اربط معاه كلام بالفلوس علشان ازغلل عينه.
مشيت ام خديجة ومبقاش ورايا حاجة غير اني ابص فى الساعه وانا مستني المغرب يقرب، حسيت ان الوقت تقيل من كُتر ما انا مستني، وقبل المغرب بساعة نزلت جري من البيت روحت على بيت ام خديجة بس اتحرجت اطلع لأن كان لسه باقي نص ساعة على اذان المغرب، فضلت رايح جاي فى الشارع وانا مستنى بفارغ الصبر، انا هتجنن واخلص الموضوع ده علشان رسمت شكل حياتي الجاية خلاص مع ليلى اللى مشوفتهاش من وقت قاعدة الاتفاق، مر الوقت بملل لحد ما سمعت صوت الاذان ندهت على الست ام خديجة من تحت البيت لقيتها طلعت من الشباك وقالتلي:
- نزلالك اهو.
فعلا نزلت الست ومشيت على مشيتها البطيئة بحُكم سنها، مع اني كان هاين عليا اشيلها واجري بيها علشان نوصل اسرع، فضلنا ماشيين شوية تقريبا كتير لأن مكانش فيه التكاتك اللى بتوصل لكل مكان دلوقتي، كل ما نمشي شوية احس اننا بنبعد عن العمار اكتر، فيه بيوت بس كل بيت بينه وبين التاني مسافة، ودى حاجة حلوة بالنسبالي بس انا شايف اني ببعد عن شغلي اكتر بس مش مهم هيبقالي بيت من بابه يوم ما ربنا يكرمني بعيل ولا اتنين ابقى اطلعلهم بأدوار ويعيشوا معايا...انا عايز عزوة وبيت مليان عيال، ابتديت البيوت تقل، ابتديت المحلات تختفي تقريبا وتقتصر المنطقة على البيوت اللى تتعد على الصوابع وهنا سألت الست:
- هو فين البيت ياحاجة؟ دى حتة مقطوعة، اخاف اسيبها لواحدها هنا.
رديت هي بأرهاق وبتاخد نفسها بسرعة من كُتر المشي:
- يابني علشان نلاقي حاجة على قد جيبك مش هتكون فى وسط البلد، لازم هيبقى فيها عيب، وبرضو حواليك بيوت اهي مش هتكون الحتة لبيتك بس، وبعدين على قد لحافنا هنمد رجلينا، ولو معجبكش البيت بلاش منه اهو بنتفرج وبس.
سمعتها وسكت لأنها عندها حق، على قد جيبي همشي حالي، كملنا مشي شوية كمان لحد ما وصلنا...بيت دورين وقفت قدامه ولأننا كنا بليل والاضاءة مقتصرة على كشاف متعلق فى بوابة البيت قدرت احدد شكل البيت من برة بصعوبة، لكن اللى متأكد منه ان واجهة البيت نضيفة، وانا واقف قصاد البيت ولسه هسأل ام خديجة على الراجل سمعنا صوت جاي من ورانا بيقول:
- يا اهلا وسهلا، خطوة عزيزة يا حاجة، نورت يا استاذ اتفضلوا.
لفيت ورايا وشوفته قدامي راجل طول بعرض لابس قفطان ولافف شال على رقبته شبه ومقدرتش احدد ملامحه بوضوح، سلمت عليه ودخلنا البيت وطلعت معايا الست خديجة وهى بتتسند على الجدار وانا بصراحة سيبتها وطلعت ورا الراجل بسرعه للدور الاول، مدخل البيت نضيف جدا، السلم كمان باين عليه معمول جديد، وقفنا قصاد باب الشقة اللى فى الدور الاول وفتح الراجل وهو بيقول:
- سمي الله يا استاذ وادخل برجليك اليمين، دي شقة عريس متسكنتش.
ابتسمت ومرديتش اقوله ان ام خديجة قالتلي انه بيأجر الشقق لحسابه، بس لما دخلت الشقة حسيت ان كل حاجة ربنا بييسرهالي، الشقة مفيهاش اي غلطة، متوضبة توضيب يمكن انا مكنتش هعمله، شقة كبيرة بمساحة البيت اربع اوض وكلهم احلى من بعض وبيطلوا على الشارع، قعدت الست ام خديجة فى الصالة ترتاح من المشوار وابتديت انا اتفرج على الاوض اللى كلها احلى من بعض، ووقفت قدام اخر اوضة وقبل ما افتح بابها سمعت صوت الراجل وهو بيقول:
- هو انت هتقدر تفرش الشقة دي كلها يابيه؟ دي هتاخد منك اكتر من تمن البيت كله فرش، كفايا عليكم اوضتين ولما ربنا يكرمك بعيال بقى ابقى كمل فرشها.
- قابلت كلامه بأبتسامة انا عارف الحقيقة انه عنده حق طبعا، الشقة كبيرة جدا على اني اقدر افرشها كلها بس قولتله:
- يا ريس انا بتفرج على البيت، ما انا هطلع اتفرج على الدور اللى فوق، معنى كده اني هفرش الدورين؟ ولا الاوضة فيها حاجة تخصك مينفعش توريهالنا دلوقتي؟ عادي اشوفها المرة الجاية.
رد هو بأبتسامة مملة:
- لاء هيكون فيها ايه؟ ادخل شوفها يا بيه.
فتحت فعلا الاوضة ودخلت حسيت انها فيها تكييف من كُتر البرد اللى فيها، اوضة برغم انه متوضبة زى باقي الشقة الا انها كئيبة وباردة اوي وتحس انها تقبض القلب كده، وقبل ما اقوله هي ليه برد اوي كده؟ لقيته هو بيتكلم وبيقول:
- معلش اصل الأوضة دي قصادها ترعة وزراعة بس مفيش مباني علشان كده تلاقي الهوا فيها صيف شتا حتى لو الشباك مقفول.
بصيت ناحية الشباك لقيته فعلا مقفول ومن غير ما اتكلم روحت فتحت الشباك، واول ما فتحته قلبي اتقبض لما شوفت.

تعليقات