القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة حالة من المصحة النفسية الفصل الثالث 3الاخيربقلم هنا عادل

قصة حالة من المصحة النفسية
الفصل الثالث 3الاخير
بقلم هنا عادل
مكنتش فاهمة معنى اللى هما قالوه، لكن سحبتني من شعري هي وسليم على الارض وجرجروني لحد الاوضة، هو اتحكم فيا بأيديه علشان مقاومهوش وهي ابتدت تكتفني بحبل جابته من تحت سريرها، كنت بعيط وبقولهم:
- فى ايه؟ انتم بتعملوا ايه؟ خلاص سيبوني، هعمل اللى انتم عايزينه.
يضحكوا بطريقة مرعبة، مش عفاريت هما ولا الحاجات اللى الناس بتحب تتكلم عنها، لكن ضحكاتهم كانت بتخوفني وكأنها حد بيعوي او يصرخ جوة ودني، ربطتني فى السرير وراحت ناحية التسريحة بتاعتها فتحت وجابت منها ازازة صغيرة زي ازازة القطرة، فتحتها وهو مسك وشي بأيديه وضمه جامد وابتديت تقطر بالقطارة بين شفايفي، تقريبا فضيتها كلها وراح هو قفل شفايفي ورفع راسي لورا علشان ابلع الدوا ده، محسيتش بحاجة بعد دقايق، اخر حاجة فاكراها اني كنت بقولهم:
- سلمى بنتي، امانة عليكم اوعوا تأذوها.
محسيتش بالدنيا ولا فاكرة ايه اللى قولته بعد الجملة دي، مش عارفة انا فضلت فى الحالة دي وقت قد ايه؟ وصحيت، صحيت على وجع...صحيت على نزيف، صحيت تقريبا على صوت صرختي اللى مش عارفة خرجت مني امتى وازاي؟ كل اللى فاكراه اني بصرخ وانا ببص للدم اللى حواليا، وجنبي برطمان ازاي فيه مياه او محلول مش عارفة بالظبط عبارة عن ايه؟ وجوة البرطمان ده فيه...فيه...فيه رحم، اه هما عملوا فيا كده، الربط اللى كانوا يقصدوه انهم يشيلوا ليا الرحم، وده استوعبته فى عز ما بصرخ وحاسة بألم ووجع مالهمش حدود وهي بتقولي:
- يلا ورينا بقى حقك هتاخديه ازاي؟ لا سلمى بنتك، ولا تقدري كمان تجيبي غيرها، يعني هتترمي فى الشارع مالكيش لازمة، حتى انك تبقى ست دي خدناها منك.
بصرخ، بصرخ بس، مش عارفة من الوجع، من القهر، من الصدمة، من الذل، من الضياع، من اليتم، مش عارفة بالظبط كنت بصرخ من ايه؟ بس بصرخ ومش برد لحد تقريبا ما غيبت عن الوعي تاني، ومش فاكرة غيبت وقت قد ايه؟ لكن المرة دي لما رجعت صحيت كنت فى السرير، غيرولي هدومي ونضفوا جسمي من الدم، حاسة بوجع لكن مش قوي، قال سليم ليا:
- خففنا عنك الوجع اهو، علشان تعرفي انك مش لواحدك اللى بتعرفي تمرضي العيانين، احنا كمان مهانش علينا نسيبك تتألمي.
تقريبا شمموني مخدر، او عطوني حقنة مسكن قوية، مش عارفة، كل اللى اعرفه اني مش حاسة بقوة الألم بتاع الجريمة اللى عملوها، وفى الوقت ده سألتهم:
- بنتي؟ بنتي فين؟
ردت وقالت:
- معانا، فى الحفظ والصون، بس هتشوفيها لما نتفق.
رديت وقولت:
- خدامة ليكم العُمر كله، بس بنتي لاء، اللى انتم عايزينه هنفذه.
فى اللحظة دي قال سليم جملة صعقتني مش صدمتني، قال:
- هتنزلي تشتغلي وترجعي تصرفي زي ما كنتي بتصرفي، لو كلمة خرجت منك ولا حرف لأي حد مهما كان، بنتك هنبيعها زي اللي قبلها، احنا كده كده كسبانين، وانتي مصيرك هيكون الموت.
روحي كانت بتطلع مني وانا بقول:
- تبيعها؟! تبيع بنتك؟
ردت ماجدة وقالت:
- هو فيه زي بيع العيال الصغيرة؟ ده احلى شغل، بس انتي بقى هنسيبلك بنتك لما تجيبيلنا بنات تانية زيك كده..مالهمش حد يدور عليهم، يعرفوا يخلفوا مرة واتنين وتلاتة، ناخد منها العيل ونخلص منها.
كنت مش عارفة المفروض اقول ايه؟ لقيت نفسي بسألها:
- واحدة تسيب ضناها وتخلصوا منها كمان؟ تقبليها انتي؟ تتحمليها؟
ترد ماجدة بكارثة جديدة:
- اقبلها..مقبلهاش ليه؟ هههههه، بس لما ابقى اخلف بقى، خلاص يا حلوة فات وقت الخلفة للي فى سني، اومال انا بجيبله اللى فى سنك ليه؟
ضحك سليم وهو بيقول:
- بس يا جوجو، انتي هتقولي ولا ايه؟
ماجدة:
- هقولها، ما هو انا مش هروح اختار عروسة لجوزي بنفسي الا علشان ليا عندها مصلحة، غير كده اقطع رقبته يوم ما يفكر يتجوز عليا، ها هتنزلي شغلك امتى علشان تشوفيلنا اللى طلبته منك؟ ومتقلقيش بنتك معايا فى امان طول ما انتي سامعة كلامي.
عارف يا دكتور كانت حالتي عاملة زي حالة اللى واقف تحت ايد حداد ماسك مطرقة ونازل بيها على الحديد وهو والع نار، كل ما بحاول ارفع دماغي الاقي نفسي اتضربت مرة تانية بالمطرقة على دماغي انفجرت اكتر من المرة اللى قبلها، كل ما بيتكلموا بحس اني وقعت فى ايد وحوش حقيقية مش مجرد مجرمين، اكيد اللى قالته مش اغرب من الجريمة اللى عملوها فيا، لكن ده ميمنعش اني اتصدمت:
- مراته؟ انتي مراته مش امه؟
تضحك وترد عليا وكأن مفيش اي عملوها فيا:
- اومال ايه؟ انتي محسيتيش خالص ولا ايه؟ ده انتي غبية بقى! ده كل تصرفاته كانت تقول انه جوزي انا مش انتي.
كنت بتكلم وانا الدنيا بتلف بيا ومش بتقف:
- بس ازاي؟...
جاوبني هو وقال:
- شوفي يا ست رغدة علشان كله بقى على المكشوف، انا وجوجو حبيبة قلبي بنشتغل سوا فى كل حاجة، بس واحنا قاعدين فى بيتنا...يعني زي ما حصل معاكي كده، نشوف اللى محدش هيدور عليها..اتجوزها وتشتغل وتصرف وتخلف، زهقت وابتدت تعمل صداع اخلص منها واخد العيل ابيعه وامسك فلوس بالكوم...
قاطعته:
- انت قتال قُتلة كمان؟!
رد وقال:
- لاء، عيب، اوعي تقولي عليا كده، انا ببيعها للي يشتروا اعضائها، خلاص، اصل مفيش فايدة منها، اشتغلت وخدت فلوسها، جابتلي طفل يتباع ويجيبلي رقم يعيشني فترة طويلة برنس، هي نفسها لما بتتباع بمسك فيها مبلغ وقدره، وكل ده ولا من شاف ولا من دري، واهو انتي عرفتي كل حاجة، وتقدري تختاري بقى نهايتك معايا، هتجيبيلي انتي البنات؟! وهتدفعي المصروف؟! وهتربي سلمى؟! وتخدمي جوجو؟! وتشوفي طلباتي؟! وطلبات البيت كمان؟ ولا تحصلي صحباتك؟؟؟؟
شفايفي بتتحرك لكن صوتي محبوس، مش عارفة اتحكم فى مستوى صوتي، ضحكت ماجدة وقالت:
- خلاص بقى يا رغدة، اعملي اللى طلبناه من سكات، اهو انتي عرفتي ان مفيش مفر انك تخلصي مننا، واوعي تفكري ان انتي تقدري تثبتي علينا حاجة، كل حاجة مترتبة وقانونية وماشيين فى السليم، يعني اي محاولة منك فى انك تتكلمي...هتخسري خسارة متتعوضش.
سمعت صوت سلمى بتعيط، قلبي اتخطف عليها، لقيت نفسي بقول من غير تفكير:
- هنزل الشغل، هعمل اللى طلبتوه، بس هاتولي سلمى.
سليم:
- هتعرفي تنفذي؟
رديت وقولت:
- هعمل كل حاجة، لكن موضوع البنات ده هيبقى صعب عليا شوية، انا مش متعودة اتعامل مع حد او اتعامل مع الناس بعشم علشان يكونوا اصحابي، كل اللي بيني وبينهم زمالة شغل من بعيد لبعيد بس مش اكتر، وده انتم عارفينه عني من البداية.
سلمى كانت عمالة تعيط اكتر، هنا ماجدة راحت للبنت وقلبي راح معاها، قال سليم:
- قولتلك البنت طول ما انتي مطيعة وبتنفذي اللى بنطلبه هتبقى تمام وفى امان، ممكن اخليها معاكي علطول لو فضلتي مطيعة معانا.
قولت وانا شايفة ماجدة داخلة وشايلة سلمى على ايديها:
- انا خدامة تحت رجليكم، كل اللى هتأمروا بيه هعمله، هو بس موضوع البنات اللى مش عارفة هتصرف فيه ازاي؟ لكن انا تحت امركم، هاتي بنتي بقى يا ماما...يا ماج..مش عارفة اقول ايه؟
ردت ماجدة وقالت:
- قولي ماما ماجدة يا حبيبتي، ما هو انتي برضو مرات ابني...ههههه قدام الناس.
قربت ماجدة ليا بسلمى اللى كان مقطوع نفسها من العياط، خدتها فى حضني ومن جوايا قلبي بيرتعش، باصة فى وشوشهم المبتسمة وانا حاسة بالوجع والرعب والكسرة لكن مش قادرة اخد اي رد فعل، دول قالوا على مصايب ابليس نفسه يعجز انه يعملها...
انا ورغدة بتحكي اللى حصل كنت مبرق عيني بس، عارفين انتم اللى فاتح بوئه ومسهم كده؟ مبرق وعنيه هتطلع من وشه ومش بيقول غير:
- هاااااه!!!!!
اهو انا كنت الشخص ده، بصراحة لو انا مش دكتور كنت قولت:
- رغدة دي اكيد بتهلوس، مستحيل شخص عاقل يقول كلام زي ده، اصل مستحيل يكون فيه بشر كده.
ابتسمت رغدة وهي بتقول:
- هتستغرب اكتر لما تعرف اني كملت معاهم.
تنحت اكتر وانا متعصب وبقول:
- نعم؟! كملتي معاهم بعد كل ده؟
ردت رغدة عليا بهدوء:
- اه، كملت، بنتي تحت ايديهم، خايفة منهم، عارفة اني ضعيفة، وعارفة اني قصاد اي حد هخسر، انا اللى زيي مين يصدقه؟ اهو محبوسة بقالي زمن فى المستشفى وبقيت مجنونة علشان مبتصدقش وماليش اللى يساعدني.
قولت لرغدة:
- انتي غبية، ابسط حاجة الجريمة اللى عملوها فيكي، لو روحتى بلغتي وبأبسط كشف طبي كان زمانك اثبتي كلامك، غير موضوع جوازه وان الست دي مش امه وكل اللى قاله ده وقتها هيتم اثباته مجرد ما يتفتح عليهم باب جهنم.
رغدة ردت:
- محسيتش اني ممكن اوصل لحاجة لو دخلت نفسي فى سكة الحكومة، بس قرار قتلهم...بقى هو الحاجة الوحيدة اللى شاغلة دماغي، وعلشان كده قررت اكمل.
قولتلها:
- طيب وايه اللى حصل؟
قالت رغدة:
- سابوني فى البيت كام يوم تاني بخدم فى البيت عادي بس الشغل لاء علشان حالتي الصحية مكانش حالة مجرد واحدة لسة والدة وطبيعي كمان! كنت تعبانة واللى عملوه فيا مكانش سهل، لكن هما واضح انهم بيعرفوا يتعاملوا فى المواضيع الطبية دي بخبرة، معرفش على اساس ايه؟ بس هما نفذوا جريمتهم معايا بمنتهى الدقة، لكن انا تعبانة وموجوعة، وهما شغالين معايا بمسكنات تخليني اكمل شغلي فى البيت، وكل ده بالنسبة ليا كان سهل مدام انا جنب بنتي لحد ما رجعت نزلت شغلي تاني.
رديت عليها وسألتها:
- ايه اللى حصل بقى لما رجعتي شغلك؟
ردت وقالت:
- الزرنيخ بقى، قدرت اجيب زرنيخ واخبيه، وبقى هو شغلانتي، يوم والتاني فى كل طبخة احط كام نقطة، انت دكتور وعارف...الزرنيخ مش بيموت فى نفس اللحظة، وفى نفس الوقت مش بيظهر فى التشريح بسهولة، وبعدين ايه اللى يخلي واحدة زي ماجدة تتشرح؟ هي اصلا عيانة وكبيرة فى السن، ده سليم كان نص عمرها ويمكن اصغر، وعلشان كده كنت بتعمد احطه لها هي فى الطبق بتاعها، اما هو كان له تخطيط تاني، وعلى الحال ده فترة، الزرنيخ بحطه لماجدة فى الاكل، وهي تعبانة لكن انا بخدمها وتحت رجليها، فلوسي كلها معاهم من غير جدال، بشوف طلبات سليم وبلبي رغباته على اكمل وجه وكان قبل ما يشاور يلاقيني قدام رجليه، كل ده مش مهم...المهم كان بنتي، حتى الدار كنت ببعت الفلوس بالبريد علشان مضطرش اروح وحد يشك فى اني اتكلمت مع ماما رقية ولا حد من الدار فى حاجة، كنت اكتر من الطبيعية بشويتين، وتعب ماجدة بيزيد، ولأن الموضوع جاي بالوقت والتدريج ومعاها هي لواحدها...ده طبعا كان سبب فى انهم ميشكوش فيا، قالت ماجدة لسليم وانا بدلك رجليها زي كل يوم:
- انا تعبانة يا سليم، صحتي فى النازل ومش عارفة بقى فيا ايه؟
يرد سليم:
- روحنا لدكتور واتنين يا حبيبتي وانتي برضو مفيش علاج جايب معاكي نتيجة، مش عارف انا موضوع نفسك اللى بقى بيتكتم كتير ده؟
ماجدة بتعب:
- السن بان عليا ولا ايه يا سليم؟ كنت فاكرة اني مش هتعب للدرجة دي بالسرعة دي.
سليم وهو بيمسك ايديها:
- حبيبتي، متخافيش، هتخفي وتبقي تمام، انتي عارفة انا من غيرك اضيع، انا ماليش غيرك فى الدنيا.
كنت تحت رجليها وساكتة وعيني فى الارض، وهي بتاخد نفسها بصعوبة، بتتكلم بتعب وكأنها بتبذل مجهود فى الكلام، وشوفت خوف ورعب فى عيون سليم اول مرة اشوفه، اصلا متخيلتش ان واحد زيه ممكن يكون بيعرف يحس..بخوف بقى او اي احساس عموما، كان جنبها طول الوقت مش بيفارقها لحد ما قال سليم:
- خدي اجازة كام يوم يا رغدة علشان تبقى جنب ماجدة، مبترضاش تخليني اسهر جنبها وبتجبرني انام، خدى اجازة علشان تسهري جنبها بليل.
بمنتهى الهدوء:
- هتطمن عليها متقلقش، حاضر هقدم على اجازة، انا كده كده بكرة هقبض الحافز، ولسة ليا ايام كتير اجازة هقدم عليها ومن بعد بكرة مش هنزل.
سابني ودخل اوضتها، دخلت لسلمى بنتي اللى نايمة فى هدوء وقولت لها بصوت واطي:
- متقلقيش، عندي تعيشي فى الملجأ ولا انك تعيشي معاهم، هخلصك منهم، دلوقتي بس طلعت اعذار للي رموني قصاد الباب، يمكن كان عندهم اسباب تشبه الاسباب اللى هتخليني اقتل ابوكي..وهعمل فيكي نفس اللى اتعمل فيا.
فعلا تاني يوم كانت ماجدة وسليم قاعدين فى البيت وسلمى معاهم زي كل يوم، روحت شغلي بسرعة وقبضت الحافز وقدمت على الاجازة ورجعت على البيت وانا شايلة طلبات كتير، جايبة اكل وحلويات وفاكهة وكل حاجة ناقصة فى البيت، ووصلت البيت واول ما دخلت وحطيت الطلبات على الارض روحت ناحية ماجدة وطلعت باقي الفلوس وقولت:
- انا جيبت نواقص البيت كلهان ودي الفلوس اللى فضلت من الحافز.
سليم مد ايديه وسحب مني الفلوس وقاللي:
- جهزي جلسة النفس لجوجو.
وفعلا روحت جهزت جلسة النفس وفى الامبول اللي كسرته رشيت الزرنيخ، وابتديت تستنشقه ماجدة وهي فاكرة انها بتاخد اكسجين، وابتديت تكح، ونفسها يتكتم اكتر، وانا اترعبت...مثلت اني اترعبت، وفى اللحظة دي الرعب اللى كان جوة عيون سليم خلاه ميشوفنيش ولا يركز معايا اصلا، وماجدة نفسها بيتقطع بالتدريج، بيحاول ينقذها، قال ليا بأنفعال:
- اجري اتصلي بأسعاف، اخلصي.
روحت على التليفون ورفعت السماعة وطلبت الرقم، وحطيت ايدي على الحرارة بتاعت التليفون علشان افصل المكالمة وابتديت اقول:
- لو سمحت عايزة عربية اسعاف حالا، العنوان..... فى انتظارك.
قفلت الخط وجريت على سليم وانا بحاول اساعد ماجدة:
- ما تخافيش يا ماما ماجدة، الاسعاف جاية حالا.
مكانتش بتتكلم، روحها بتطلع وهو بيموت من الرعب عليها، حسيتها امه فعلا ومرعوب عليها، وبعد عشر دقايق او ربع ساعة كان نفسها اتقطع تماما...ووقع سليم من طوله قدام عيني من صدمته..وماتت ماجدة على ايدي وكنت بتمنى لو ينفع اتحزم وارقص.
رغم ان اللى بتحكيه رغدة ده جريمة تتعاقب عليها، الا اني حسيت بأن روحي ردت فيا بصراحة، اللى زي دول يستاهلوا القتل مليون مرة، فرحت بيها جدا واتحمست وانا بقولها:
- يابنت الايه، ده انتي طلعتي لعيبة، تسلم دماغك العبقرية، بس المهم الموضوع خلص ازاي؟
ضحكت رغدة وقالت:
- خلص عادي، ست كبيرة، هي اصلا مريضة وبتتعالج، وماتت موتة ربنا، هنعمل ايه بقى؟ عمرها كده.
رديت بحماس:
- جدعة، طيب وسليم؟
رغدة سكتت لحظة وبعد كده بصيت ليا وقالت:
- سليم دخل فى حالة صدمة غريبة، مكنتش متخيلة اللى حصل معاه ده بموت ماجدة، كانت هي اللى مقوياه، هي اللى مخلياه بني ادم، هي اللى بيتسند عليها وبيستقوى بوجودها ومش عارفة ايه السبب؟ عيل صغير تايه فى الصحرا لواحده...دى كانت حالة سليم.
سألتها:
- طيب وانتي كنتي بتعملي معاه ايه؟
قالت:
- كنت بخدمه زيه زي سلمى، انا برضو خايفة منه، مش قادرة اديله الأمان ولا عايزة اعمل اي حاجة تخليه يشك فيا، مش هقبل يجرالي اي حاجة قبل ما اضمن لبنتي انه مش موجود فى الدنيا، مش هسيبها معاه، حتى لو هموت لازم ابقى مطمنة اني مش على وش الدنيا.
سألتها:
- وخلصتي منه؟
رغدة:
- لاء، مقدرتش.
اتصدمت:
- ازاي؟ ليه؟ يعني تقدري على ماجدة والعيل الطري ده لاء؟
ردت بحزن:
- اه، اصل هو اكتشف وجود بودرة الزرنيخ فى البيت...
قاطعتها بصدمة:
- اييييييييييه؟ بتهزري؟! ازاي يا رغدة؟ ازاي تخليه يكتشف حاجة زي دي؟
ردت رغدة وهي بتضحك على اندفاعي:
- حظي بقى، مكنتش اعرف انه عرف مكانها، ومعرفش حتى قدر يلاقيها ازاي؟ او يمكن انا اخر مرة استخدمتها مع ماجدة حطيتها فى الامبول ونسيت الباقي بتاعها فى درج التسريحة، انا ناسية بالظبط يعني سيبتها برة ازاي لدرجة انه يلاقيها؟!
سألتها:
- طيب وعمل ايه فيكي لما عرف؟ فهم ازاي هي بتاعت ايه؟ هو اللى جابك هنا؟
ردت رغدة وقالت:
- معملش فيا حاجة، كان بيتعامل عادي، بخدمه وبشوف طلباته كلها، رجعت شغلي وفلوسي معاه، وفي اقل من اسبوع من بعد ما رجعت شغلي بعد موت ماجدة....كان واقف مستنيني قصاد باب الشقة وقت رجوعي من الشغل.
استغربت:
- واقف على باب الشقة؟ اشمعنى؟ ما انتي كده كده داخله البيت.
ردت رغدة وقالت:
- انا كمان استغربت، لكن هو كان هادي وغير الفترة اللى فاتت، ثابت كده وواثق فى نفسه.
سألتها:
- وبعدين؟
قالت:
- فى البداية اتوترت، ايه يا سليم؟ مالك؟ انت واقف كده ليه؟
لقيته ماسك الازازة اللى كان فيها البودرة، اتخضيت واتوترت لكن حاولت امسك اعصابي، سألته:
- ايه ده؟
لقيته بيقولي:
- حطيت منه فى اللبن بتاع سلمى و...........
صرخت وجريت ناحية الاوضة بتاعتها، لكن هو مسكني بأيديه الاتنين ومنعني ادخل، صرخت:
- بنتي، بنتي جرالها ايه؟ قتلت بنتي؟ بعد كل اللى عملته ده وفى الاخر هي اللى تموت؟
ضحك بصوت عالي وقال:
- وانا كمان هموت معاها متخافيش، اصل انا عارف، سمعتك وانتي بتتكلمي مع سلمى وانتي فاكرة انها سمعاكي، عرفت انك ورا موت ماجدة، قتلت بنتك، وقتلت نفسي علشان ماليش لازمة بعد ماجدة، لا هعرف اعيش ولا هعرف اعمل حاجة، وانتي هتتجنني، بنتك ماتت، ماتت معايا انا وماجدة بعد ما قدرنا نخليكي متعرفيش تكوني ام مرة تانية فى حياتك، انا مبسوط اني هروح لماجدة، لكن انتي اللى هتتجنني وهتتمني لو ماجدة ترجع علشان مكنتش اكتشفت جريمتك دي وقتلت بنتك.
بيقول الكلام وانا الارض بتلف بيا، مانعني اتحرك، بصرخ بصوت مبحوح، محدش حاسس بيا لأن مفيش جيران حواليا، مش قادرة حتى ادخل ابص على سلمى، ووقعت من طولي، ولما فوقت مكانش فيه اثر لأى حد....ولا سليم، ولا سلمى، ولا اعرف مكانهم فين، مش عارفة لو فعلا ماتوا ولا لاء؟! مش لقياهم، بقيت ماشية فى الشارع انادي على سلمى بنتي، الناس فاكرة اني مجنونة، لكن انا مش مجنونة، انا حاسة انها موجودة، بس انا مش عارفة الاقيها، وبرضو لو هو عايش...اكيد هيبيعها ما هو بيعمل كده وعمل كده فى غيرها وكانوا عياله برضو، خلصت من ماجدة لكن سليم خلص عليا...قتل بنتي وقتل نفسه...خطف بنتي واختفى بيها، مش عارفة ايه اللى حصل، كل اللى عارفاه ان محدش مصدقني، محدش قادر يعرف فين سليم؟ محدش عرف يساعدني الاقيه، محدش قدر يثبت حرف من اللى بحكيه، وعلشان كده انا محبوسة هنا، انا علطول مجنونة، مع اني مش عايزة غير بنتي، بنتي سلمى...حبيبتي اهي فى حضني، شوفت انا رجعتها ازاي؟ محدش صدقني، ولا حد صدقني لما حكيت اللى حصل حتى ماما رقية...ولا حد قبل اني اقول ان اللى فى حضني دي بنتي وشافوا اني مجنونة...انا جيت الدنيا دي ظلم، مظلومة من وقت ما امي حملت فيا...لحد ما هموت، فشلت، فشلت اكون انسانه، فشلت اكون ام، فشلت اكون مجرمة، فشلت اثبت اني مش مجنونة، فشلت حتى اثبت اني صح، سليم مالهوش اثر وفى النهاية هو مش موجود...قسيمة جوازي بأسم واحد ميت من كام سنة، مكنتش اعرف انها مزورة، ولا كنت اعرف انهم سجلوا بنتي بأسمه بالرشوة، مفيش اثر لسليم او اللى انتحل اسم سليم، ومفيش اثر لسلمى، ومفيش غير الحكاية اللى حكيتها...هتقدر تثبت حاجة تطلعني مش مجنونة؟
مبرق ومصدوم من النهاية، كنت متخيل للحظة ان رغدة اخدت حقها، تخيلت انها خلصت من سليم حتى لو هترمي بنتها فى الملجأ، مكنتش متخيل ان هو اللى انتقم منها، اخد البنت وهرب؟ قتل البنت طيب؟ خد السم هو وقرر يموت هو والبنت بعيد عن رغدة علشان تبقى بالحالة اللى هي فيها دي؟ مش لاقي اجابة لأني مش لاقى واحد بأسم سليم علام رجب حسنين، اسم لشخص متوفي وجوز رغدة زور ورق بأسمه، فين جوز رغدة وبنتها؟ مين هو؟ ايه اصله؟ ايه حكايته؟ ليه هو كده؟ مقدرتش اعرف، ودي كانت من اسواء الحالات اللى محبوسة فى المصحة بأسم المرض النفسي رغم انها هي الضحية، اتظلمت من يوم ما جت للدنيا، وهتخرج منها مظلومة وده كله بسبب عدم الرأفة بحال اللي زي رغدة، ورغم صعوبة حالة رغدة اللى اثرت عليا شخصيا...الا اني قابلت غيرها تاني فى المستشفى، بس ده بعد ما حاولت اتعافى من الاثر النفسي اللى حكايتها سببته ليا، ورجعت رغدة تاني لسريرها...ولعروستها، اللى بقيت انا كمان مسميها سلمى...هو انا كده ابقى اتجننت؟؟
تمت بحمد الله

تعليقات