
اسكريبت ظل اليتامي
بقلم ندي عماد
بيقولو إن في حكايات لازم تتنسي، مش تتقال، بس الغريب إن اللي بنخاف نحكيه… هو اللي بيفضل عايش أكتر من أي حاجة.الأسطورة دي بدأت من آلاف السنين، في قرية صغيرة على أطراف الصحراء. القرية دي ماكنش فيها زرع ولا ميه، الأرض ناشفة زي العظم، والسماء قافلة بوشها، الناس جعانة، والعيال بتموت من العطش.
ساعتها شيوخ القرية اجتمعوا، وقالوا إن الحل الوحيد إنهم يقدموا "قربان" لروح ساكنة في جبل بعيد، عشان المطر ينزل. بس القربان ماكنش حيوان، ولا تماثيل دهب… لأ. القربان كان "أطفال يتامى".
الناس كانت بتسلم العيال اليتامى بإيديها للجبل. بيودّوهم في نص الليل، ويحطوهم قدام مغارة كبيرة في قلب الصخر. والليلة دي نفسها، بيختفي الأطفال من غير أثر.
لما يرجعوا، يلاقوا سحاب بدأ يتجمع، وبعد أيام المطر ينزل.
ومن هنا اتولد اسم "ظلّ اليتامى".
مرت السنين، والمجاعة خلصت… بس اللي حصل ما خلصش.
لأن بعد فترة، البيوت اللي ضحّت باليتامى… بدأت تسمع أصوات بكاء في نص الليل.
أصوات عيال صغيرة بتنده "ماما… ماما".
الأصوات دي كانت تيجي من الحيطان، من تحت السراير، من المرايات المكسورة.
وفي بيوت تانية، كانوا يلاقوا كفوف صغيرة مطبوعة بالسواد على الجدران، كأن العيال دي رجعت تدور على بيوتها.
أول بيت اتخطف منه طفل كان بيت شيخ القرية، صحوا الصبح لقوا ابنهم الصغير مش موجود. لا باب اتفتح، ولا شباك اتكسر، بس على الحيطة في الأوضة، كانت في أيادي مطبوعة بالعشرات.
ومن اليوم دا، بقي معروف إن روح اليتامى بتنتقم.
فيه شباب حاولوا يتحدوا الأسطورة. قالوا:
"إحنا هنروح المغارة ونشوف إيه اللي جوه."
دخلوا أربعة… ورجع واحد بس.
اللي رجع، كان لسانه اتقطع، وعينه عُميت. بس قبل ما يموت، كتب بالدم على الرمل كلمة واحدة:
"الأطفال."
من بعدها محدش قرب الجبل.
بعد آلاف السنين، القرية اندثرت، والخرائط ما بقاش فيها اسمها، لكن الغريب إن القرى اللي حواليها فضلت تحكي الحكاية.
وفي سنة من السنين، في واحد اسمه "منصور"، كان أستاذ تاريخ في جامعة، جاله خبر عن مخطوطة قديمة مكتوبة بالخط المسند، بتتكلم عن
"ظل اليتامى".
منصور ما صدقش في الأول، وقال:
"دي خرافات."
لكن الفضول كبر جواه.
سافر لحد أطراف الصحراء عشان يدور على الجبل اللي اتكتب في المخطوطة.
معاه مراته "هالة" وابنه الصغير "آدم".
أول ليلة قضاها في بيت قديم مهجور هناك… ابنه صحاه من النوم وهو بيعيط:
"بابا… في عيال وقفين في الأوضة."
منصور افتكر إنها أوهام، لكنه تاني يوم، وهو بيفتح شنطته، لقى هدوم آدم متوسخة بطين، رغم إن مفيش طين حوالين البيت كله… بس كان فيه أثر أقدام صغيرة على الأرض ماشية للحيطة.
بعد أيام من البحث، وصل منصور للمغارة اللي اتكلمت عنها المخطوطة، مغارة سودة، زي فم وحش مفتوح.
أول ما دخلها، حس ببرودة غير طبيعية.
سمع أصوات همس كتير… كلها أصوات أطفال.
"إحنا هنا… رجعونا لأهالينا."
"ليه سبتونا؟"
"إحنا جعانين… إحنا بردانين."
هالة صرخت: "منصور… لازم نرجع!"
لكن قبل ما يتحركوا، شافوا عشرات الكفوف الصغيرة مطبوعة على جدران المغارة… بتتحرك كأنها بتتنفس.
فجأة، النور اللي معاهم اتطفي، وطلع من عمق المغارة ظلّ أسود، ماشي على أربع… عيونه صغيرة زي عيون الأطفال، بس صوته كان مليان وجع.
"أولادكم… مكانهم معانا."
بعد أيام، أهل البدو في المنطقة لقوا العربية بتاعة منصور متكسّرة جنب الجبل.
لكن البيت جوه كان فاضي، لا منصور، ولا هالة، ولا ابنهم آدم.
بس على جدران العربية من جوه… كانوا شايفين أيادي صغيرة سودة مطبوعة من كل ناحية.
من يومها، بيتقال إن أي حد يقرب المغارة… بيلاقي أصوات أطفال تناديه، ولو دخل… ما بيرجعش
النهايه
تعليقات
إرسال تعليق
مرحب بكم في مدونة معرض الرويات نتمنه لكم قراء ممتعه اترك5 تعليق ليصلك كل جديد