رواية عودة عزيز
الجزء الثاني2
بقلم محمود الامين
بابا كان نايم، رغم إني لسه سامع صوته كان بيتكلم مع أمي، قفلت الباب بالراحة بس وأنا بقفل الباب لمحت حاجة بتتحرك، رجعت فتحت الباب تاني. كانت هي نفس الست شعرها اللي مغطي وشها، كانت بتقرب من بابا، رجليها ما كانش فيها ضوافر، دي كان فيها حوافر.. كنت واقف قلقان وخايف، عاوز أدخل أصحي بابا قبل ما الست تأذيه، بس متردد.لكن الست دي بصتلي، ولأول مرة كنت أشوف وشها، ويا ريتني ما شوفته.. أبشع وش ممكن حد يشوفه في الدنيا، عبارة عن مسخ وابتسمت، وبدل ما كانت رايحة ناحية بابا، لقيتها جاية ناحيتي. بس أنا ما استنيتش، أنا طلعت أجري ورجعت على أوضتي من تاني وقفلت الباب، كنت بترعش من الخوف.. في الوقت ده سمعت صوت أذان الفجر، قومت من مكاني وأنا مطمن إني سامع صوت الأذان.
وروحت ناحية الحمام، أول ما دخلت شميت ريحة وحشة أوي، ريحة مقرفة، ده غير إن الحمام مش نضيف كأنه مقفول من زمان ومحدش بيدخله. وقفت قدام الحوض وشغلت الحنفية عشان أتوضى، وبدأت أتوضى لحد ما وصلت لآخر حاجة رجلي الشمال، وبمجرد ما نزلتها من على الحوض ولبست الشبشب ولسه برفع عيني للمراية، شوفت ورايا في الانعكاس حد واقف، كان شخص طويل عينيه لونهم أحمر دم. كنت خايف أبص ورايا، أو في الحقيقة أنا ما لحقتش عشان المراية اتكسرت على مليون حتة، وأنا خرجت أجري بسرعة من الحمام.
روحت على الأوضة، فتحت شنطتي وطلعت منها المصليّة، فرشتها على الأرض، وقلت: الله أكبر. ومع كل تكبيرة كنت بسمع حد بيردد الصوت ورايا، لحد ما خلصت صلاة والدنيا بدأت تهدى. حاولت أنام تاني بس ما عرفتش، فتحت تليفوني اللي فتح عادي جدًا وكان مشحون زي ما هو، وشغلت سورة البقرة، حطيت الموبايل جنبي، وحاولت أنام. ولسه عيني كانت هتغفل لكن سمعت خبط في كل حتة، على البيبان وعلى الحيطان، وكان في صوت صراخ عالي جاي من كل حتة.. وأول ما قفلت القرآن، كل حاجة سكتت مرة واحدة.
في الوقت ده لقيت باب الأوضة بيخبط، قومت من مكاني وفتحت، لقيت بابا واقف على الباب واتكلم وقال:
_ أنا سمحتلك تعيش معايا، بس لو هتعيش هنا لازم تاخد بالك من تصرفاتك.
= تصرفات إيه يا بابا، هو أنا عملت حاجة.. وبعدين البيت هنا غريب، أنا بشوف حاجات صعبة، وأول ما شغلت قرآن سمعت صراخ وخبط في كل حتة.
_ ومين قالك إنه مسموح إنك تشغل قرآن، إنت هنا ضيف بلاش تضايق أهل البيت.
= هو حضرتك متضايق إني كنت مشغل قرآن؟ إزاي يا بابا؟ ده إنت اللي معلمني الصلاة وخلتني أقرب من ربنا من وأنا طفل صغير.
ما ردش عليا، وسابني ومشي.. هو كان يقصد مين بأهل البيت؟ قررت أنزل أتمشى أو أروح أي مكان المهم أبعد عن البيت ده. لبست ونزلت وفضلت ماشي ومش عارف أنا رايح فين؟ لحد ما لقيت نفسي قدام جامع، قولت أدخل أقعد جواه شوية، جايز أرتاح والقلق اللي عندي ده يروح. دخلت واتوضيت وصليت ركعتين وبعدها فتحت مصحف وبدأت أقرأ، وفضلت قاعد فيه لحد أذان الضهر. وقتها بدأت الناس تدخل الجامع، والكل كان بيبصلي باستغراب، وده مفهوم طبعًا، أنا محدش يعرفني من الناس دي. وبعد الصلاة لقيت واحد من الناس قرب مني وسألني:
_ حضرتك مش من هنا صح؟
= لا، أنا من بلد هنا جنبكم، بس والدي ساكن هنا وأنا جاي أطمن عليه.
_ فيك الخير والله، باين عليك إنسان محترم وبار بوالدك.
= تسلم، ربنا يخليك.
_ طيب هو والدك فين؟ ما جاش ليه صلى معانا؟
= هو في البيت، أصله تعبان شوية.
_ ألف سلامة عليه، هو والدك مين بالضبط؟
= حضرتك في إيه؟ أنا حاسس إنك بتحقق معايا.
_ آسف يا ابني والله ما أقصد، بس أصلك غريب عن المنطقة فكنت عاوز أعرف، عادي مجرد فضول، عموما أنا بعتذر.
= لا، ما تعتذرش ولا حاجة، أنا ابن الحاج فوزي اللي ساكن آخر الشارع ده.
... أول ما قولت كده الراجل برق، ولقيته أخد بعضه وخرج من الجامع بسرعة. ما كنتش فاهم في إيه؟!
يومها فضلت ألف في الشوارع لحد ما الساعة وصلت 10 بالليل، قولت هرجع بقى، عاوز أنام مش قادر. بس وأنا راجع لاحظت إنه في طفل صغير واقف قدام الترعة اللي قبال البيت من الناحية التانية، عنده حوالي سبع سنين. عملت فيها جدع وندهت عليه: واقف عندك، بتعمل إيه يا حبيبي؟
ما ردش عليا، قربت وكنت بعلي صوتي عشان يسمعني، لكن فجأة الطفل نط في الميه. رجعت خطوتين لورا وأنا مش مصدق التصرف اللي عمله، وعلى طول ومن غير تفكير جريت ناحية الترعة عشان أخرجه منها. الدنيا كانت ضلمة كحل والواد ملهوش أثر. نزلت ناحية الميه وشغلت فلاش التليفون بتاعي، لكن في اللحظة دي لقيت نفسي بتزق وبقع في الميه. حاولت أخرج بسرعة لكن في حاجة كانت بتشدني لتحت، فضلت أضرب في الحاجة دي برجلي وأعافر معاها عشان أقدر أخرج، لحد ما قدرت أخرج بصعوبة. وللأسف التليفون وقع في الميه وباظ، حاولت أشغله أكتر من مرة بس ما فيش فايدة.
رجعت دخلت البيت وأنا مش فاهم أي حاجة؟ كنت في الصالة ولسه هطلع السلم، ووقتها لمحت طفل صغير بيجري قدامي وطالع على السلم، كان هو نفس الطفل اللي نط في الترعة من خمس دقايق. جريت وراه عشان ألحقه، لقيته دخل أوضة من الأوض. دخلت وراه، الأوضة كانت عتمة كحل، ولعت النور، بس وقتها اتصدمت.. أنا لقيت الطفل مشنوق في النجفة اللي في السقف. من الصدمة اتخرست، جيت أخرج من الأوضة، الباب ماكانش عاوز يتفتح، فضلت أحاول مرة واتنين وتلاتة... لحد ما لقيت باب الأوضة هو اللي بيتفتح، ولقيت بابا واقف. لسه بشاور على السقف وبقوله:
_ الولد.. الولد مشنوق يا بابا!
... لما بصيت ما كانش في أي حاجة، وكان ظاهر على بابا الزعل والعصبية واتكلم وقال:
_ أنا مش نبهت عليك ما تضايقش أهل البيت؟
= يا بابا، إحنا أهل البيت؟ وبعدين حضرتك بتقول إنك اتجوزت، فين مراتك دي؟
_ ملكش دعوة، ولآخر مرة هقولك: بلاش تضايق أهل البيت، دول بدأوا يشتكوا منك.
= يا بابا البيت ده مش طبيعي، بتحصل فيه حاجات غريبة.
_ أنا مش هعيد كلامي تاني.
... ده لا يمكن يكون أبويا، في حاجة غلط بتحصل وأنا لازم أعرفها. خرجت وراه، كنت عايز أتكلم وهو لازم يسمعني. دخلت الأوضة عليه من غير استأذان، لكن وقتها اتصدمت من اللي شوفته. رجعت لورا ولقيت نفسي بدوخ، وقعت على الأرض وفقدت الوعي... فوقت لقيتني على السرير بتاعي، ما كنتش مصدق اللي شوفته من شوية. أنا لما خرجت ورا بابا عشان أتكلم معاه، كان هو دخل الأوضة، وأنا دخلت وراه. من وقتها ما لقيتهوش واقف قدامي، أنا لقيته جثة على السرير، ومنظره كان مفزع. أنا خلاص اتجننت.
قومت من مكاني لكن وقتها سمعت صوت.. صوت التليفون اللي المفروض باظ، كان بيرن جنبي. بصيت على الشاشة كان رقم غريب بيرن.. رديت، بس ما كانش في صوت، صمت. لكن التليفون وقع من إيدي لما لقيت نفس الست قاعدة في نفس المكان تاني وبتسرح شعرها، بس المرة دي لما اتلفت شوفت

تعليقات
إرسال تعليق
مرحب بكم في مدونة معرض الرويات نتمنه لكم قراء ممتعه اترك5 تعليق ليصلك كل جديد