
قصة فقدان
الفصل السادس6
بقلم هنا عادل
اللي لقيته هناك كان ضلمة وبس، صوت ضفادع مستخبية بين الزرع مش اكتر، لكن هي كان مالهاش اثر، بصيت حوالين المكان كله لكن مفيش اي حاجة، وطبعا مكنتش هعدي المصرف علشان اشوف لو فيه حاجة فى الزراعة اللى قصادي ولا لاء، التفت ورايا ابص على بيتي ومنظره من المكان المخيف ده بليل، لقيتها واقفة فى الشباك، وقفت فى مكاني زى التمثال زهقان وتعبان وحاسس بأن الليلة طويلة جدا ومش بتعدي، كانت واقفة ثابتة وبصالي، هي بتلعب معايا؟ طيب ايه هدفها؟ ايه حكايتها؟ هو انا مراتي ملبوسة طيب؟ كان هاين عليا فى الوقت ده اجري واروح لأم خديجة واتكلم معاها فى اللى بيحصل مع مراتي، ليلى..مع اني مش عارف هل لها يد فى اللى بيحصل ده ولا هي مش حاسة بحاجة وكل ده انا بس اللى بحس بيه وبشوفه؟ واقف من بعيد بتفرج على شباك بيتي وهي واقفة فيه وبرغم الضوء الخفيف اللى جاي من الكشافات اللي حوالين بيتي كله الا انها كانت واضحة، من شدة بياض بشرتها كنت حاسس ان النور خارج منها هي، اتحركت بعد ما التفت حواليا مرة اخيرة يمكن الاقى اي حاجة، لكن لما ملقيتش جديد اتحركت وطلعت بيتي دخلت على الاوضة علطول، كانت فاضية، الشباك مفتوح ومفيش اي حاجة من اللى شوفتها فى الوقت ده حسيت ان عقلي هيطير مني، خرجت وسيبت الاوضة على حالها حتى مقفلتش الشباك ودخلت اوضتي رميت جسمي على السرير وانا شايف ليلى نايمة زى الاطفال وكأنها يا بتمثل عليا يا اما نومها العميق ده وراه حاجة انا مش فاهمها، عيني مراحتش فى النوم علطول، كنت حاسس بضيق نفس والساعة مش بتمشي، مش عارف فضلت حاسس بكده لحد امتى لكن بعد وقت طويل غفلت وروحت فى النوم، مش عارف الحقيقة نمت قد ايه لكن لما فتحت عيني كانت الشمس طالعة وداخله من فراغات شباك اوضة النوم، بصيت جنبي بكسل لقيت ليلى مش موجودة، اتنفضت من على السرير وقومت اجري ادور عليها وانا مش عارف قلقت ليه كده، لكن وانا قاصد الاوضة اياها لقيت ليلى خارجة من المطبخ وهي ماسكة اطباق وبتبصلي بأستغراب وخضة وهي بتقولي:
- خضتني يا عبدالله، بتجري كده ليه؟ فى ايه؟
رديت وانا ببلع ريقي وباخد نفسي بصعوبة:
- صحيت لقيتك مش جنبي قلقت عليكي.
ليلى بأبتسامة هادية:
- لاء انت فيك حاجة مش مظبوطة، شكلك جعان، انا حضرت الفطار، تعالى نفطر بقى وفهمني مالك من بليل وانت قلقان.
جاولت اهدا وقولتلها:
- طيب هدخل اغسل وشي واجي نفطر سوا، انا جعان فعلا.
دخلت الحمام غسلت وشي وانا مش عارف ايه اللى هقوله بالظبط، لكن خدت قراري بأني اتكلم معاها واقول كل اللى حصل الليلة الطويلة دي، طلعت من الحمام وقعدنا سوا على السفرة وهي كانت بصالي بعنيها الحلوين دول وكأنها بتقولي انا عايزة اسمع، من غير تفكير لقيت نفسي بتكلم وبحكي كل اللى حصل، من اول ليلة لينا فى البيت وقت ما قالتلي اني كنت فى الحمام وهي مستنياني لحد اللى حصل الليلة اللى فاتت، كانت بتسمعني بتركيز واهتمام وبعد ما خلصت كلامي لقيتها بمنتهى الهدوء بتقولي:
- طيب يبقى دي محتاجة حد يساعدها يا عبدالله، لو عايزة تأذيك مكانتش قالتلك انها هتساعدك زى ما انت هتساعدها.
بصيتلها بأستغراب وشك وانا بقولها:
- هي مين اصلا يا ليلى؟ واساعدها فى ايه؟ وانتى بتتكلمي بالهدوء ده ازاي وانا بحكيلك حاجة زي دي؟
ليلى بهدوء:
- اكيد انا معرفش هي مين، اما بالنسبة لهدوئي فده طبيعي، انت متوتر وقلقان وانا لازم اخليك تهدا علشان نعرف نفكر، يا اما هقولك ان انت بيتهيألك وده مجرد كابوس واكدبك، او هتكلم معاك زى ما بتكلم دلوقتي كده واحاول افسرلك اللى بيحصل.
لقيت نفسي بنفعل من غير مبرر:
- يا ليلى بقولك دي نسخة منك، انتى تقريبا.
ليلى:
- بص يا عبدالله، انا مش عارفة او مش بفهم اوي فى الحاجات دي، لكن اللى ممكن اكون فهمته هو ان دي لو روح مش مؤذية فهي اتمثلت لك فيا انا علشان متخافش منها وتقدر تساعدها زى ما طلبت منك، وفيا انا بالذات يمكن لأن انا اللى عايشة معاك هنا ويمكن لو كانت شافت حد تاني معاك ودرجة قربك ليه اكبر مني كانت ظهرتلك بصورته هو، ده تفسيري انا ومش عارفة اذا كان صح ولا لاء.
كنت بسمعها وانا شايف منطقية فى كلامها، اصل اللى شوفتها واقفة فى اخر الليل فى قصاد بيتي فى عز الضلمة دي مستحيل تكون بني ادمة، واللى بيحصل كمان يقول ان الوضع تفسيره مش طبيعي، سيبتها لحد ما خلصت كل كلامها وبعدين حاولت اتكلم بهدوء وانا بقول:
- معلش يا ليلى، بس الموضوع غريب جدا وانا اول مرة اتعرض لحاجة غريبة بالشكل ده، لكن انتي تعرفي ان كلامك خلاني اهدا شوية، وفعلا ممكن يكون فيه حد محتاج مساعدة مني وانا مش واخد بالي منه، بس مين يا ترى؟
ليلى:
- مش حد وخلاص يا عبدالله، الواضح ان فيه حد معين هو اللى عايز ده، وطلب منك بلسانه، او برسالة عن طريق صورتي، بس اقولك على حاجة كمان..الحد ده له علاقة بالمكان هنا، وده اللى لازم نعرفه.
عبدالله:
- عندك حق، انا هقوم اغير هدومي واروح اشوف السمسار اللى باع البيت ده واسحبه فى الكلام كده يمكن اعرف اي حاجة.
ليلى بتوتر:
- هتسيبني هنا لواحدي؟
عبدالله:
- خايفة؟
ليلى:
- بصراحة اه، انا اتكلمت معاك وفكرنا بصوت عالي اه...لكن انا جبانة اوى على فكرة، وبخاف.
كنت مقدر خوفها، واحترمت فيها انها تعاملت مع اللى اتكلمت فيه بهدوء وعقل واحترام، علشان كده كان لازم انا كمان اراعي خوفها:
- خلاص احنا ننزل سوا نتمشى، وتروحي تقعدي مع الست ام خديجة شوية لحد انا ما اوصل للسمسار واشوف ايه اللى ممكن اوصل له معاه، ايه رأيك؟
ليلى بسعادة:
- شكرا جدا، وحقك عليا بقى لو هتقل عليك؟
ابتسمت وانا بقولها:
- انتي اللى حقك عليا، خوفتك وقلقتك بس انتي الوحيدة اللى كان لازم اتكلم معاها.
مسكت ايدي وطبطبت عليها بحنان وقامت تشيل اطباق الفطار اللى خلصناها واحنا بنتكلم، ساعدتها ووقفت هي تغسل الاطباق ودخلت اخد دش وجهزت وهي كمان خلصت اللى وراها وجهزت ونزلنا، وصلتها عند الست ام خديجة وسلمت عليها ونزلت بعد كده اشوف السمسار اياه، دورت عليه شوية لحد ما عرفت انه قاعد على قهوة بعيدة عن المكان اللى انا فيه شويتين، بس الصراحة كان لازم اروح وفعلا روحتله، كان قاعد لواحده وده من حُسن حظي، قابلني بترحيب وسلمنا على بعض وقعدت وطلبلي شاي، وبدأت اتكلم معاه علطول من غير تمهيد:
- بقولك ايه يا معلم، عايز اعرف منك حاجة، بس رد عليا بما يرضي الله.
رد عليا وهو بيقولي بأهتمام:
- خير يا استاذ؟ تحت امرك؟
سألته:
- هو ايه حكاية البيت ده؟ مين كان ساكن فيه؟
رد عليا السمسار بأستغراب:
- حكاية ايه؟ هي البيوت ليها حكايات يا استاذ؟ بيت اربع حيطان، ناس بتأجر وتعيش فيه شوية وبعدين يمشوا لما تخلص مدة ايجارهم ولا يلاقوا حاجة احسن ولا يجيلهم سفرية...لا حكاية ولا رواية بقى.
رديت عليه بأبتسامة:
- ياسيدي انا بستفهم منك بس، الموضوع مش محتاج عصبية، هو صاحب البيت سابه من امتى طيب؟
رد عليا هو بنفاذ صبر:
- ساب البيت من سنين، اتجوز وقعد اسبوع ولا اتنين وبعد كده سافر هو ومراته ومرجعش تاني، وسابلي امر البيت ابيعه وقت ما يجيلوا بيعة كويسة، بس هو كان راميه بتراب الفلوس انت زى ما شوفت المكان هادي وبعيد شوية عن العمار علشان كده مكانش بيجيب فلوس عليها القيمة، فكنت بأجره اهو يطلع اي قرشين واكل العيش يحب الخفية بقى...لكن محدش كان بيعمّر فيه...مش عارف يعني فيه حاجة فى البيت مبتعجبهمش ولا علشان كل واحد وله ظروفه، المهم اني كنت بطلع اي مصلحة لنفسي من ورا البيت ده.
عبدالله:
- معلش يا معلم، صدعتك انا بس كنت عايز ابقى مطمن لو سيبت مراتي لما ارجع الشغل فى البيت حد ممكن ييجي يخبط عليها بأى حجة ولا لاء، حقك عليا ومتأخذنيش.
السمسار:
- لا متقلقش يا استاذ، انت مش اول واحد يسكن بمراته فى البيت، ومحدش اشتكى من اي قلق او اى مشاكل، اطمن وحط فى بطنك بطيخة صيفي.
فعلا سيبته ورجعت خدت مراتي ورجعنا على البيت واتكلمت معاها فى اللى اتقال، لكن هي ردها عليا كان ابعد مما يكون عن تفكيري:
- عبدالله...لو المشكلة خاصة بالبيت يبقى مالهاش علاقة غير بصاحبه، لأن السمسار قالك ان صاحب البيت سافر بعد جوازه علطول وعرض البيت بتراب الفلوس، لكن كل الناس اللى جت بعده كانت عن طريق السمسار وحتى لما بيمشوا فهما بيمشوا عن طريقه، يعني اكيد لو كان حصل حاجة فيها مشاكل يا هيقولك يا كان حتى اتوتر وانت بتكلمه لو مش عايز يحكي...
عبدالله:
- طيب وده هنعرف عنه حاجة ازاي؟ ده بيقولوا مسافر من سنين، ومالهوش حد هنا اصلا.
ليلى:
- طيب خلينا نصبر ليلة ولا اتنين كمان، لو حصل حاجة تانية زى اللى حصلت امبارح نبقى نهتم فعلا وندور ورا كل حاجة، لكن لو محصلش يبقى هى مجرد تهيؤات بسبب ان البيت مقفول من فترة والمكان كمان هادي ومقطوع واحنا لسه متعودناش عليه، ايه رأيك؟
عبدالله بهدوء:
- اتفقنا...خلاص بقى انا تعبت النهاردة بسبب الموضوع ده، يوم بليلة بحالهم والواحد مش وراه غير القلق ده، خلينا بقى ننسى القلق ونحلي يا حلو انت يا قمر.
ابتسمت ليلى وقالتلي:
- طيب ارتاح بس من المشوار ونتغدا وبعدين نقضى احلى وقت مع بعض، عنيا علشانك.
تعليقات
إرسال تعليق
مرحب بكم في مدونة معرض الرويات نتمنه لكم قراء ممتعه اترك5 تعليق ليصلك كل جديد