قصة التمثال
الفصل الاول1الاخير
بقلم عبد الرحمن
الصيف اللي فات، سافرت مصر في رحلة كنت بحلم بيها طول عمري. الأهرامات، أبو الهول، الأسواق اللي مليانة حياة في القاهرة. كل حاجة كانت سحر بس اللي مكنتش متوقعة إنّي هرجع البيت بحاجة شكلها أكتر من مجرد تذكار!في يوم وأنا بتجول في سوق خان الخليلي، لقيت محل صغير مستخبي في حارة ديقة. المحل كان مليان تحف: تماثيل بوليستر، خرز مزخرف، ولفايف بردي مزيفة للسياح. لكن اللي شدني بجد كان تمثال صغير من البازلت الأسود، طوله يمكن 15 سنتي.
التمثال كان على شكل قطة قاعدة مستقيمة، عينيها معمولين من حجر أخضر بيلمع تحت نور اللمبة البسيط كأنه منوّر. كان فيه حاجة غريبة فيه، حاجة خلتني أحس إني لازم أشتريه!
سألت صاحب المحل عنه. الراجل كان عجوز، جلده مجعد وعينه حادة. قاللي بثقة وهو بيبص لي بهدوء: التمثال ده راجع لـ أيام الفراعنة، ومنحوت من حجر مقدس كانوا بيستخدموه في الطقوس القديمة"!
ابتسمت. أنا بصراحة مكنتش متأكد أصدقه ولا لأ عشان السياح دايمًا بيحكوا لهم قصص مبالغ فيها لكن بما إنه طلب فيه تمن بسيط، اشتريته من غير تفكير.
حطيته في شنطتي، وحسيت بحاجة غريبة.. كأني في حد بيراقبني وأنا خارج من المحل.
لما رجعت شقتي في أمريكا، حطيت التمثال على رف في أوضة المعيشة. كان شكله مناسب هناك، جنب الزرع والصور. في الأول مديتش الموضوع أهمية. لكن بعد يومين بدأت ألاحظ حاجة غريبة.. حاجة مُرعبة!
قطتي "لونا" بقت تتصرف تصرفات مش طبيعية.
لونا قطة عادية، عمرها 5 سنين، وعادةً هي هادية جدًا ومن النوع اللي بينام طول اليوم على الكنبة أو يجري ورا الليزر لو حبيت ألعب معاها. بس من ساعة ما جبت التمثال، بقت مهووسة بيه!
تقعد على الأرض قدام الرف وتبص عليه بالساعات، عينيها مركزة على العيون الخضرا اللي في التمثال، ومش بترمش تقريبًا. في الأول ضحكت وقلت يمكن عاجبها الحجر اللي بيلمع أو شكله الغريب.
بس مع مرور الأيام الموضوع بقى يقلق.
في ليلة، صحيت حوالي الساعة 3 الفجر على صوت خدش خفيف. نزلت أوضة الصالة لقيت لونا قاعدة قدام التمثال، مخالبها بتخدش في الأرض الخشب وهي مركزة فيه. ناديتها، مفيش أي رد!
حتى لما هزيت علبة الأكل المفضلة ليها –اللي دايمًا بتخليها تجري عليا– ولا كأنها سامعة! كأنها في غيبوبة!
بدأت أحس بعدم راحة. حاولت أنقل التمثال وحطيته في الدولاب، بس لونا فضلت ماشية ورايا، بتُموي بصوت واطي مستمر، كأنها بتتوسل ليّا ما أخبيهوش!
في الآخر رجعته تاني الرف، وهي رجعت تقعد تبص عليه. لكن الأمور بقت أوحش.
بقيت أسمع أصوات في الشقة!
همسات ضعيفة!
زي الهوا لما يعدي من شقوق، مع إن الشبابيك مقفولة!
ساعات كنت بحس ببرودة مفاجئة في الأوضة حتى لو الدفاية شغالة. وفي مرة، أقسم إني شوفت التمثال.. بيتحرك!
مش حركة كبيرة، لكن ميل خفيف كأنه لفّ شوية يواجه اتجاه مختلف!
قلت لنفسي يمكن بتخيل. لكن لونا بدأت تبقى عدوانية أكتر. ساعات تهسهس في التمثال، ضهرها مقوّس وشعرها واقف، وبرضه مش قادرة تبعد عنه!
قررت أعمل بحث عن الموضوع ده. فتحت النت ودوّرت على تماثيل القطط المصرية. عرفت إن القطط كانت مقدسة في مصر القديمة ومرتبطة بالإلهة باستت. لكن لقيت كمان قصص بتقول إن في تماثيل كانت بتستخدم كـ "أوعية" للأرواح أو الكيانات، خصوصًا لو معمولة من حجر زي البازلت!
مش عارف أصدق الكلام ده ولا لأ، لكن الفكرة لوحدها جابتلي قشعريرة.
الليلة اللي فاتت كانت الأسوأ. صحيت على صوت حاجة اتكسرت. جريت على أوضة المعيشة لقيت التمثال واقع على الأرض، سليم تمامًا رغم إنه وقع من ارتفاع حوالي متر. لونا واقفة فوقه، ضهرها مقوّس، وبتصرخ بصوت أول مرة أسمعه منها – صوت غريب عميق كأنه شبه بشري!
لما شلت التمثال من الأرض، حسيت بحاجة زي صدمة كهربا عدّت في إيدي، وأقسم بالله سمعت همسة.. همسة بكلمة واحدة!
كلمة بتقول: "إرجع".
دلوقتي التمثال متغلف في صندوق وحاطه في قبو العمارة. لونا لسه بتدور عليه، تموي وتخدش في باب القبو. أنا خايف أرجّعه، وخايف برضه أتخلص منه. إيه اللي جواه؟ وهل في حاجة مش عايزة تسيبني!
أنا مش عارف أعمل إيه. بس اللي متأكد منه حاجة واحدة: مش هشتري تذكارات من أسواق قديمة تاني أبدًا!
النهاية

تعليقات
إرسال تعليق
مرحب بكم في مدونة معرض الرويات نتمنه لكم قراء ممتعه اترك5 تعليق ليصلك كل جديد