القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية قضية راي عام الجزء الاول1بقلم محمود الامين

رواية قضية راي عام 
الجزء الاول1
بقلم محمود الامين
اسمي عزيزة.. عندي 29 سنة، وفي العرف عندنا إن البنت اللي توصل للسن ده وما تكونش اتجوزت تبقى عانس. وده الكلام اللي كنت دايماً بسمعه من أهلي ومن الجيران، لدرجة إنه في ناس بدأت تقنع أمي إني معمولّي عمل. وعشان أمي ست مش متعلمة كانت بتصدق الكلام ده، بس أنا كنت برفض أروح معاها في كل مرة، وكنت شايفة إنه ده جهل.

ما حدش كان بيتقدملّي خالص، وأنا مش وحشة، أنا شكلي مقبول على فكرة، آه مش جميلة بالمعنى الحرفي، بس يعني شكلي كويس.
كنت بسمع كل يوم تريقة أهلي عليا، وكلامهم اللي كان بيدبحني، لدرجة إني فكرت في الانتحار، بس مجرد تفكير فشلت إني أنفذه.
كنت بسمع أبويا بيقول:
_ لو اتقدم أي حد في المنطقة أو بره المنطقة هوافق، الناس كلها بتتكلم على بنتي اللي داخلة على الـ30 وما اتجوزتش ولا حتى اتقدملها حد.
ووقتها كانت ترد عليه أمي وتقول:
= قلتلها كتير يا صبري، تيجي معايا عند الشيخ أبو المكارم وأكيد هيحل المشكلة بتاعتها، أكيد معمولّها سحر.
_ خلاص طالما مش عايزة تيجي معاكي نجيب الشيخ أبو المكارم هنا، ويشوف إذا كان عليها حاجة ولا ما عليهاش.
لما يبقوا أهلي مش طايقين وجودي، تفتكروا حد هيقبلني؟ لحد ما كل ده اتغير لما جه الأستاذ رشدي مدرس اللغة العربية، بس كان في مشكلة إنه أصغر مني سناً. هي مشكلة عندي أنا، لكن عند أهلي ما فيش مشكلة ولا حاجة، دول ما صدقوا إنه في حد اتقدملّي.
ووافقوا على طول، كنت خايفة من الموضوع، لكن لما قعدت مع رشدي طلع بني آدم غلبان وطيب وحنين. كان متردد ييجي يتقدملّي من زمان عشان فرق السن اللي بيني وبينه، بس لما سمع الكلام اللي بيتقال عليا في الحارة قرر إنه ييجي يتقدملّي. ما أعرفش ليه لقيتني بتعلق بيه وبحبه، دي أول مرة أعرف فيها يعني إيه حب.
خرجت مع رشدي بره الحارة، ودي كانت أول مرة أخرج فيها وأشوف الدنيا. كنت ماشية معاه وأنا مطمنة، عارفة إنه لو حد ضايقني هيجيبلي حقي، حاسة معاه بالأمان.. لكن للأسف الأمان ده اتحول لخوف لما خسرته.
يومها جه عندنا واستأذن بابا عشان هياخدني نتغدى بره، وبابا من غير تفكير وافق.. خرجنا ووقفنا على الطريق الرئيسي عشان نعدي الناحية التانية. مسك إيدي عشان يعدّيني الطريق، لكن في اللحظة دي جت عربية سريعة خبطته، والمفروض إنها كانت هتخبطني أنا، لكن هو زقني قبل ما العربية تخبطني.. ومات. مات الشخص الوحيد اللي حبيته بجد.
بس ما حدش حس اللي أنا كنت فيه، بعد وفاته بحاجة بسيطة رجع الكلام يتقال عليا من تاني، بس المرة دي زوّدوا على "العانس" كلمة "شؤم". أيوه، كان بيتقال إني نحس وشؤم، وإن العريس الوحيد اللي اتقدملّي مات بسببي.
وقتها لقيت بابا جاي وفي إيده واحد، وبيقوله: اتفضل يا شيخ أبو المكارم.
أول ما سمعت الاسم اتصدمت. كنت عاوزة أعترض وأقول لا، وأنا عارفة اللي فيها كويس، وممكن كمان أسمعه الكلام اللي جاي يقوله، زيه زي أي دجال نصاب هييجي يقول كلمتين عشان ياخد قرشين ويمشي.
بس يا ريتها الموضوع رسي على كده.
أول ما الشيخ أبو المكارم شافني.. طلب من بابا إننا نقعد لوحدنا.
وقرب مني وعلى وشه ضحكة خبيثة، وحط إيده على دماغي وفضل يقول كلام أنا مش سامعاه، كان بيهمس، لكن فجأة حسيت جسمي اتكهرب وأعصابي بتسيب، ولقيت نفسي بقى على الأرض وما حستش بالدنيا من بعدها.
ولما فوقت عرفت إن الشيخ أبو المكارم قال إن عليّا جن، وإن هو عمل اللي عليه وخرجوا، وإنها مسألة وقت والعرسان هتبقى طوابير.
وعدت ست شهور كاملة، والوضع زي ما هو، لحد ما في يوم لقينا الشيخ أبو المكارم جاي تاني، بس المرة دي كان هو اللي طالب إيدي للجواز. بابا كان فرحان، وماما كانت طايرة من الفرح، وكان اللي بيتقدملّي ده "ولي من أولياء الله الصالحين". لكن كل اللي فات كوم، وكل اللي جاي كوم تاني.
_ إنت اللي مقدم البلاغ؟
= أيوه يا باشا، أنا كنت معدي بعربيتي من هنا وراجع على القاهرة، بس من حظي الهباب العربية عطلت. نزلت عشان أصلحها، بس أول ما نزلت من العربية شميت ريحة يا ساتر! كانت وحشة أوي. فضلت ماشي ورا المصدر بتاعها لحد ما لقيت الشوال ده، ولما فتحته لقيت جواه الجثة دي، فعلى طول بلغت حضراتكم.
_ تمام، طيب إنت هتفضل معانا شوية بس عشان نعمل المحضر وكده.
= أنا تحت أمرك يا باشا، إنت تؤمرني أمر.
_ الأمر لله وحده يا سيدي، استنى بس على جنب.
_ أيمن، تعالَي عاوزك بعد إذنك.
= تحت أمرك يا باشا، أؤمر.
_ طبعاً الجثة اللي في الشوال واضح إنها جثة طفل. عاوز منك تفحص كل بلاغات التغيب الخاصة بالأطفال الفترة الأخيرة، وبالذات في المناطق القريبة من المكان اللي إحنا فيه.
= حاضر يا باشا، تحت أمرك.
مين اللي قلبه جاحد يعمل كده في طفل صغير؟ هي الدنيا جرى فيها إيه؟!
_ ماما أنا مش موافقة على الشيخ أبو المكارم؟!
= نعم يا أختي! وده ليه إن شاء الله؟ الراجل ما يتعيبش في حاجة، بالعكس، ده شيخ وليه كرامات.
_ كرامات إيه يا ماما؟! يا ماما ده متجوز اتنين وأنا هبقى التالتة.
= وإيه المشكلة؟ هو هيتجوزك على سنة الله ورسوله. وبعدين يا عبيطة إنتي هتبقي الجديدة، يعني إنتي اللي هتاخدي الدلع كله.
_ بس أنا مش عاوزاه يا ماما.
= لا، هتتجوزيه يا قلب أمك. عشان ده الراجل الوحيد اللي عبّرك من يوم ما المرحوم مات. وبعدين إنتي خايفة من إيه؟ إنتي هتبقي مراته، هو هياكلك؟
النقاش مع ماما مش هيجيب نتيجة. حاولت مع بابا بس كانت ردوده نفس الردود، ومش كده وبس، ده لأول مرة يمد إيده عليّا.
ولقيت نفسي مضطرة أوافق على الشيخ أبو المكارم. ما كانش عندي حل، كنت بحاول أقنع نفسي إن جايز البداية دي تكون كويسة.
وفعلاً في ظرف 3 شهور كنت متجوزة الشيخ أبو المكارم، لكن من أول ما دخلت البيت ده وأنا مش مرتاحة، وعرفت إن ده هو البيت اللي بيعالج فيه الحالات من المس والسحر، وكمان بيعمل فيه الأعمال.
وفي يوم حلمت إني واقفة على باب أوضة في البيت. الأوضة دي دايماً أبو المكارم قافلها، لكن في الحلم الأوضة كانت مفتوحة. وجوّه الأوضة كان في حفرة. قربت من الحفرة ووقتها اتصدمت، أنا لقيت الحفرة دي مليانة جثث، مجرد عضم! وقبل ما أتحرك لقيت في سكينة اتحطت على رقبتي، واللي ورايا دبحني!
فتحت عينيّا على صوت صرخة، صوت جاي من الأوضة اللي بيعالج فيها الحالات، وده كان الوضع الطبيعي. لكن وقتها حسيت بألم في بطني، ألم مش قادرة أتحمله، وصرخت بأعلى صوتي.
_ عزت باشا، أقرب بلاغ كان من أسبوع. واحد اسمه أبو المكارم ومراته اسمها عزيزة قدموا بلاغ باختفاء ابنهم الصغير، وهما ساكنين قريب جداً من المكان اللي لقينا فيه الجثة.
= الراجل ده اسمه الشيخ أبو المكارم؟
_ مظبوط يا فندم.
= إنت عارف إن الراجل ده كان متهم قبل كده في قضية آثار؟
_ لا يا فندم مش عارف. بس ده إيه علاقته بالموضوع؟
= هتعرف، بس أنا عايزه أقابله دلوقتي حالاً.
_ تمام يا فندم.
بعد نص ساعة كان واقف قدامي أبو المكارم، وبدأت الكلام معاه.

تعليقات